الايرانيون قادمون. مَن يقف في مواجهتهم؟
02/04/2014 [ 08:54 ]
الإضافة بتاريخ:
فاروق يوسف
لم تكن ايران يوما ما صديقة للعرب. لا في ماضيها ولا في حاضرها وما من شيء يدعو إلى التفاؤل في أن يكون المستقبل أفضل.
قد تكون الجملة السابقة بشموليتها صادمة للبعض، ولا أدري لماذا؟
هناك شيء راسخ في اللاوعي الجمعي الايراني يقف حائلا دون بلوغ علاقة ايران بالعرب مرحلة النضج، التي تتيح لها فرصة النظر بطريقة جادة وايجابية إلى الكيانات السياسية المعاصرة التي صارت جزءا من العالم العربي.
لم يرتق الخيال السياسي الايراني المعاصر إلى المستوى الذي يؤهله للتحرر من عقد الماضي، بكل الاوهام التي انطوت عليها تلك العقد. فلا تفوق العقل الفارسي على العقل العربي حقيقة يمكن العثور على مظاهرها تاريخيا ولا المذهب الشيعي الذي يخيل للبعض أنه اختراع ايراني، يمكنه ان يشكل شبحا مخيفا بالنسبة للعرب، الذين يتبع جزء منهم فقه ذلك المذهب.
كان محمد رضا بهلوي شاهنشاه ايران والمناطق الملحقة بها وها هو خامنئي بعد خميني يسعى إلى أن يكون ولي الامة، ولكن أية أمة تشملها ولايته؟
من المؤكد أن التحاق حزب الله اللبناني بولاية الفقية الايراني انما يمثل اختراقا للوجود العربي. وإذا ما نظرنا بعين نقدية إلى ما يجري في العراق لا يمكننا سوى الاعتراف بان العراق في ظل حكومة نوري المالكي صار في جزء كبير منه ولاية ايرانية. وهو ما يعني أن ايران قد ضمنت طريقها إلى سواحل البحر الابيض المتوسط مرورا بسوريا المستباحة.
كانت ايران أذكى من أن تقف عارية في مواجهة الغرب.
وقد تكون فرضية انها كانت قد وجدت في ما حققته من اختراق للجسد العربي نوعا من السد الذي يؤجل تلك المواجهة خيالية، غير أن الواقع يؤكد أنها قد استعملت اختراقها لذلك الجسد بطريقة ذكية، بحيث صار الغرب يحتسب لضربة تأتيه من مكان مجهول إن هو تشدد مع ايران.
كان الغرب ولا يزال حذرا في التعامل مع ايران، وهو ما لم يفعله مع العرب.
ألأنه رأى فيها ندا، كامل الصلاحية، جاهزا للقتال بقوته الذاتية؟
لم تخف ايران مساهمتها في احتلال افغانستان والعراق. لقد تخلصت عن طريق الاحتلال الاميركي من عدوين تاريخيين، نظام طالبان في افغانستان ونظام صدام حسين في العراق. ولو لم تكن ايران موجودة لكان ذلك الاحتلال عسيرا.
بهذا المعنى كانت ايران شريكة في احتلال بلد عربي، وهو ما لم يعترف به حزب الله الذي يستمد شرعيته الآن، وإلى الأبد، من حقه في تحرير ما تبقى من اراضي الجنوب اللبناني تحت الاحتلال الاسرائيلي.
فهل تمارس ايران لعبة شد الحبل وحدها؟
ربما لن يكون اللاعبون الاقليميون مهمين. سيكون علينا أن نفكر بدور اللاعبين الدوليين في جعل الحكاية كلها ممكنة الوقوع. هناك خيال سياسي عالمي يتعلق بمصير ما صار سياسيا يسمى بالخليج الفارسي، وهي تسمية تخون الجغرافيا والتاريخ معا، غير أنها التسمية المعتمدة بسبب أصولها الاستعمارية.
لقد صدق الايرانيون أن بلادهم تقع على خليج فارسي فصاروا يعتقدون أن قوسا يصل ايران بلبنان مرورا بالعراق وسوريا سيكون ايرانيا. ايراني الهوى والأرض معا.
فكاهة تاريخية يكسبها شقاء العيش في سوريا نوعا من المصداقية.
كان علينا أن نتوقع أن الايرانيين قادمون.
لم يكن أحد من العرب ليصدق تلك المقولة، بالرغم من أن تاريخهم الخاص كان مملئا بالمؤامرات الفارسية. ربما لأنهم صدقوا أن العالم قد انتقل إلى حقبة ما بعد الاستعمار أو لأنهم كانوا أقل عنصرية في النظر إلى سواهم.
لا يزال العرب، حتى أكثرهم دهاء في السياسة، أبرياء في موجهة الخبث الايراني.
فاروق يوسف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق