الثلاثاء، 8 أبريل 2014

دحلان يواصل هجومه على عباس بعد مقتل فلسطينيين

أصدر مكتب العضو المطرود من حركة "فتح" محمد دحلان بيانا أدان فيه بشدة استخدام العنف و السلاح في المخيمات الفلسطينية على الأراضي اللبنانية و بصورة خاصة ما حدث اليوم في مخيم المية مية و أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا .
و قال البيان الذي نشره مكتب دحلان على "فيسبوك": "مرة أخرى يخرج علينا محمود عباس و جماعته بموجة جديدة من الأكاذيب من خلال الزج باسم الأخ محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح و عضو المجلس التشريعي في أحداث و مسائل لا شأن للقيادي دحلان بها لا من قريب و لا من بعيد".
و أضاف البيان: "من الواضح أن عباس و جماعته لم يستفيدوا من الدرس القاسي الذي كان عليهم أن يتعلموه بعد خطاب الكذب و العار الشهير أمام المجلس الثوري لحركة فتح و ما أعقب ذلك من بيانات تكذيب عديدة أصدرتها كل الشخصيات التي ذكر عباس أسمائهم أو استند الى أقوالهم ، و ها هي مدرسة احتراف الكذب تمارس هواياتها مجددا و لكن هذه المرة في ظل مأساة دموية أزهقت أرواح فلسطينيين ، فبدلا من أن تتحمل هذه القيادة مسؤوليتها لتفحص منبع الفتنة و التصدي لها ، ها هي تلجأ الى الكذب و التضليل و حرف الحقائق ".
و أكد البيان: "عدم وجود أية صلة أو معرفة أو عمل بين القيادي محمد دحلان او اي من زملائه مع الضحايا الذين سقطوا اليوم أو مع الجهة التي ينتمون اليها ، و لدينا من الشجاعة الوطنية و الأخلاقية ما يؤهلنا لمواجهة مسؤولياتنا مهما كانت صعبة و قاسية ، و ليس كما يكذب الجبناء والمرجفين".
وكانت اشتباكات وقعت بين جماعات فلسطينية بمخيم "الميه وميه" للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة صيدا، جنوب لبنان قد أسفرت عن مصرع 7 فلسطينيين وإصابة 10 بجروح.
زقالت مصادر أمنية لبنانية ومصادر فلسطينية: إن اشتباكات وقعت الإثنين في مخيم "الميه وميه" بين جماعة "أنصار الله " التي يتزعمها جمال سليمان، وهي جماعة فلسطينية موالية لإيران نشأت في تسعينات القرن الماضي، ومسلحين تابعين لحركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس.
كما أعلن مصدر رسمي لبناني أن الاشتباكات أدت إلى سقوط 7 قتلى و10 جرحى، نقل قسم منهم إلى مستشفيات المنطقة. وقال قائد كتائب "الأقصى" العميد منير المقدح في تصريح له اليوم: إن إشكالا فرديا وقع قبل 10 أيام في المخيم وحاولت الأطراف كافة العمل على تطويقه ولكنها باءت بالفشل". وأشار المقدح إلى أن الفصائل الفلسطينية "تعمل على حل هذا الإشكال بالتنسيق مع الجيش اللبناني"، لافتا إلى أن "الجيش اللبناني اتخذ إجراءات حول المخيم بشكل كامل، خوفا من توسع الاشتباكات. والاتصالات قائمة بشكل حثيث ومتواصل لإعادة الأمور إلى طبيعتها". وذكرت وسائل إعلام محلية أن الاشتباكات اندلعت على خلفية صراع للنفوذ بين الفريقين.
وقال مصدر فلسطيني لوكالة الأنباء الفرنسية: إن الاشتباك وقع بين مجموعة "أنصار الله" التي يتزعمها المدعو جمال سليمان القيادي السابق في حركة فتح والذي انشق عنها وعرفت عنه صلاته بحزب الله اللبناني، ومجموعة "شهداء العودة" الحديثة التي يتزعمها أحمد رشيد الذي يعرف عنه قربه من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. وأشار إلى أن "أنصار الله" تمكنوا خلال الاشتباك من السيطرة على مقر لمجموعة رشيد. وقال مصدر طبي: إن أحمد رشيد وأحد أشقائه بين القتلى.
يذكر أن لبنان يستضيف نحو 400 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على 12 مخيما وتجمعات سكنية أخرى.

وتشهد المخيمات الفلسطينية توترًا مع تصاعد الخلاف بين محمود عباس الذي يشغل حاليًا منصب رئيس السلطة ومحمد دحلان الذي يتطلع إلى المنصب ذاته بحسب مراقبون.
 04/07/2014

اشتباكات بمخيم للاجئين الفلسطينيين توقع قتلى

اشتباكات بمخيم للاجئين الفلسطينيين توقع قتلى

أسفرت اشتباكات وقعت بين جماعات فلسطينية بمخيم "الميه وميه" للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة صيدا، جنوب لبنان عن مصرع 7 فلسطينيين وإصابة 10 بجروح. قالت مصادر أمنية لبنانية ومصادر فلسطينية إن اشتباكات وقعت الاثنين (7 نيسان/ أبريل 2014) في مخيم "الميه وميه" بين جماعة "أنصار الله " التي يتزعمها جمال سليمان،

أسفرت اشتباكات وقعت بين جماعات فلسطينية بمخيم "الميه وميه" للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة صيدا، جنوب لبنان عن مصرع 7 فلسطينيين وإصابة 10 بجروح. قالت مصادر أمنية لبنانية ومصادر فلسطينية إن اشتباكات وقعت الاثنين (7 نيسان/ أبريل 2014) في مخيم "الميه وميه" بين جماعة "أنصار الله " التي يتزعمها جمال سليمان، وهي جماعة فلسطينية موالية لإيران نشأت في تسعينات القرن الماضي، ومسلحين تابعين لحركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس.

وذكر مصدر رسمي لبناني أن الاشتباكات أدت الى سقوط 7 قتلى و10 جرحى، نقل قسم منهم إلى مستشفيات المنطقة. وقال قائد كتائب "الأقصى" العميد منير المقدح في تصريح له اليوم، إن إشكالا فرديا وقع قبل 10 أيام في المخيم وحاولت الأطراف كافة العمل على تطويقه ولكنها باءت بالفشل". وأشار المقدح إلى أن الفصائل الفلسطينية "تعمل على حل هذا الإشكال بالتنسيق مع الجيش اللبناني"، لافتا إلى أن "الجيش اللبناني اتخذ إجراءات حول المخيم بشكل كامل، خوفا من توسع الاشتباكات. والاتصالات قائمة بشكل حثيث ومتواصل لإعادة الأمور إلى طبيعتها". وذكرت وسائل إعلام محلية أن الاشتباكات اندلعت على خلفية صراع للنفوذ بين الفريقين.

وقال مصدر فلسطيني لمراسل وكالة فرانس برس إن الاشتباك وقع بين مجموعة "أنصار الله" التي يتزعمها المدعو جمال سليمان القيادي السابق في حركة فتح والذي انشق عنها وعرفت عنه صلاته بحزب الله اللبناني، ومجموعة "شهداء العودة" الحديثة التي يتزعمها أحمد رشيد الذي يعرف عنه قربه من القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان. وأشار إلى ان "أنصار الله" تمكنوا خلال الاشتباك من السيطرة على مقر لمجموعة رشيد. وقال مصدر طبي إن أحمد رشيد وأحد أشقائه بين القتلى.

ويستضيف لبنان حوالى 400 ألف لاجئ فلسطيني موزعين على 12 مخيما وتجمعات سكنية أخرى.

م م / ف ي (د ب أ، أ ف ب)
تمثال موسى بن ميمون في قرطبة. ويكيبيديا
"الخروج من قرطبة": فيلم وثائقي للمخرج اليهودي جاكوب بندر

رسالة التسامح في قرطبة الإسلامية تدحض نظرية صدام الحضارات

من أعظم مفكري الأندلس، إسبانيا الإسلامية، وجهابذة الطب والفلسفة في القرن الثاني عشر: المسلم ابن رشد واليهودي ابن ميمون، وما زال صدى أنموذجهما في التعايش المشترك يتردد وبقوة حتى اليوم داحضاً نظرية صراع الحضارات، كما يبرز فيلم جاكوب بندر الوثائقي "الخروج من قرطبة"، الذي يطلعنا عليه لويس غروب.
الخروج من قرطبة" فيلم وثائقي عن فصل كبير ومجهول من فصول التاريخ الأوروبي، ألا وهو: تاريخ إسبانيا المسلمة.
ولمدة تزيد على 800 سنة كانت أجزاء واسعة من شبه جزيرة أيبيريا، إسبانيا حالياً، تحت الحكم الإسلامي. وحتى يومنا هذا يعتبر زمن الأندلس، كما يسميها المسلمون، حقبة سادها التسامح، وعاش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون معظم الوقت بسلام معاً تحت لواء "العيش المشترك" (Convivencia).
عاصمة الأندلس كانت مدينة قرطبة، التي شكّلت مركزاً ثقافياً واقتصادياً رائداً للبحر الأبيض المتوسط والعالم الإسلامي ككل.
إعلان الفيلم الوثائقي: "الخروج من قرطبة"
يشرح بندر في بداية فيلمه ويقول إنه بعد الهجمات الإرهابية على مدينة نيويورك شعر بالحاجة إلى اكتشاف أمل ومثالية جديدين كأسلوب لدحض نظرية الصِدام.
​​
وفي فيلم "الخروج من قرطبة " Out of Córdoba، الذي أُطلِق عام 2010، ويمكن شراؤه في مؤسسات تعليمية عبر الولايات المتحدة، يدحض جاكوب بندر، مخرج الأفلام الوثائقية، اليهودي الأمريكي، فكرة صدام الحضارات من خلال إبراز روح التسامح في قرطبة ومتابعة حياة فيلسوفين من القرن الثاني عشر: المسلم ابن رشد واليهودي موسى بن ميمون.
استذكار التاريخ
​​
وكما يشرح بندر في بداية فيلمه، بعد الهجمات الإرهابية على مدينة نيويورك، شعر بالحاجة إلى اكتشاف أمل ومثالية جديدين كأسلوب لدحض نظرية الصِدام.
ومن خلال استذكار التاريخ بروح ابن رشد وموسى بن ميمون، تُظهر رحلة بندر الشخصية، المفعمة إلى درجة ما بالأمل، أن التسامح والفكر الحر، تاريخياً وحديثاً، يمكنهما المساعدة على رأب حتى الفجوات الأكثر عمقاً بين الناس.
كان موسى بن ميمون وابن رشد فيلسوفين وعالمين قانونيين وطبيبين ومن أتباع أفكار أرسطو طاليس والمدافعين عن الفكر المنطقي الحر.
في الفيلم الوثائقي يذهب المخرج بندر إلى قرطبة الحديثة، ويقتفي الفيلم أثر بندر وهو يقابل أناساً ألهمتهم روحا الرجلين، ومنهم إمام يقرأ فتوى ضد أسامة بن لادن، تصفه بالكفر بسبب جرائمه العنفية.
ويتحدث بندر كذلك إلى وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنجيل موراتينوس، الذي يقول إن موسى بن ميمون وابن رشد يشكلان تعبيراً عن عمله كدبلوماسي.
فهاتان الشخصيتان تمثلان مثالين تاريخيين، كما يشرح موراتينوس، على أن تعايش اليهودية والمسيحية والإسلام لا يؤدّي في نهاية المطاف إلى النزاع والمواجهة، وإنما يمكن أن يكون إلهاماً متبادلاً لبلوغ إنجازات ثقافية متميزة.
المشاهد للفيلم يتتبع بندر وهو يستذكر الرحلات التاريخية لموسى بن ميمون وابن رشد عبر منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويتجه بندر إلى المغرب حيث يقابل أندريه أزولي، وهو مواطن يهودي ومستشار كبير لملك المغرب.
الدين كجزء من حل النزاعات
يتكلم أزولي عن الحوار الثقافي ويؤكد على الحاجة الملحّة لأن ننصت إلى رسالة التسامح لكلا هذين الشخصين من قرطبة. "علّمنا موسى بن ميمون، نحن اليهود، أن نجعل يهوديتنا وسيلة للتسامح، وليس أداة عقائدية تجد الأصولية فيها ملجأ لها"، يقول أزولي. ويضيف: "يمثل ابن رشد في العالم الإسلامي نفس هذا المنطق وهذه العقلانية".
إحدى أكثر اللحظات عاطفية في الفيلم هي عندما يقوم بندر بمقابلة الحاخام أريك أشرمان في القدس. يقول بندر إنه في البداية لم يرَ أي مناسبة يُدخِل من خلالها السياسة المعاصرة في فيلم عن موسى بن ميمون، لكنه يضيف: "إلا أن جهود الحاخام أشرمان لتحقيق المصالحة اليهودية الإسلامية، عن طريق العودة إلى التقاليد الدينية اليهودية وموسى بن ميمون، بدت وكأنها تقترح غير ذلك".
السير على خطى ابن رشد وابن ميمون


رحلة الأمل: في الفيلم الوثائقي "الخروج من قرطبة" يقابل مخرج الفيلم بندر أناساً من العصر الحديث ألهمتهم روحا ابن رشد وموسى بن ميمون، من خلال استذكار التاريخ.

​​

"أحد الأشياء التي علّمنا إياها موسى ابن ميمون هو أنك لا تستطيع دفن رأسك في الرمل. لا تستطيع تجنب القضايا الصعبة"، كما يقول الحاخام أشرمان. ويضيف: "يتوجب عليك مواجهتها وجهاً لوجه. يتوجب علينا حل النزاعات التي تواجهنا. ويتوجب علينا إيجاد طريقة لرؤية صورة الله تعالى في إخواننا وأخواتنا المسلمين".
تتلخص وجهة نظر الحاخام أشرمان في أنه يتوجب قلب الوضع الراهن رأساً على عقب، وجعل الدين جزءاً من الحل في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
يصف الحاخام، بصوت يرتعش من الغضب والهيجان، الظلم والعنف الذي يسلَّط على العديد من الفلسطينيين حين تدمِّر الجرافات منازلهم في المناطق المحتلة، مثلاً.
كما يصف منظمته "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" على أنها "ضمير إسرائيل"، ومكان يقوم فيه الحاخامات بالعمل من أجل حقوق مواطنيهم الفلسطينيين في إسرائيل والفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
الكلمة الأخيرة في الفيلم تذهب إلى ديفيد بارِل وهو أستاذ دين مسيحي، يؤكد أن ابن رشد وموسى بن ميمون كانا رائدين في بحثهما الناقد لعقيدتيهما، وانخرطا في تقاليد دينية لم تكن لهما أصلاً.
في نهاية المطاف، وبعد السير على خطى ابن رشد وموسى بن ميمون، ورؤية أولئك الناس في عصرنا الحاضر الذين ما زالوا مُلهَمين إلى حد بعيد بهاتين الشخصيتين، ينظر بندر إلى صورة القدس، تلك المدينة التي أصبح اسمها مرادفاً للخلاف الإنساني، ويقول إنه في نهاية رحلته، لا يسعه إلا أن يواصل تلقي الإلهام ليبقى مؤمناً بوجود بدائل لصدام الحضارات وبإمكانية المصالحة بين الديانات.
شاركَ جنود يهود إلى صف جيش أمير قرطبة المسلم محمد التاسع في القتال ضد القائد يوهان الثاني من منطقة قشتاله الإسبانية. ويكيبيديا

لويس غروب
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: كومون غراوند نيوز 2011
لويس غروب صحفي من مدينة كولونيا في ألمانيا.
تتضمن "خطة كيري" في شقها الاقتصادي ضخ مليارات الدولارات في خزينة  السلطة الفلسطينية الفارغة، وإقامة  مشاريع  اقتصادية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتخفيض البطالة المتفشية بالأراضي الفلسطينية.
ما بعد فشل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

خيارات ما بعد أوسلو: انتفاضة شوارع…أم معركة داخل المنظمات الدولية؟

تسير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلى طريق مسدود، حاملة في أسابيعها الأخيرة غموضا حول مستقبل منطقة تبدو على صفيح ساخن من الأحداث المتسارعة، فماذا سيفعل الفلسطينيون في اليوم التالي بعد الاعلان عن فشل المفاوضات؟ مهند حامد يطلعنا من رام الله على سيناريوهات مفاوضات الرمق الأخير وأمل التمديد قبل التصعيد.
يرجح المراقبون أن تنتهي مفاوضات السلام، التي يقودها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بين الفلسطينين والإسرائيليين منذ ثمانية أشهرفي التاسع والعشرين من نيسان المقبل دون التوصل إلى أي اتفاق سلام. وهذا ما عبر عنه الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي علانية في أكثر من مناسبة بالرغم من السرية، التي تحيط بمسار المفاوضات الجارية.
فالفجوة بين مطالب ومواقف الطرفين ما زالت عميقة، وتوقيع اتفاق "مبادىء" أو مجرد "إطار" يتضمن اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة إسرائيل كما يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتياهو، يرفضه الفلسطينيون رفضا قاطعا، كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حفل استقباله عقب عودته من لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما في البيت الأبيض مؤخرا.
الانتهاء المحتمل لمهلة المفاوضات في حال عدم توقيع اتفاق محدد يشمل انسحابا إسرائيليا كاملا من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 دفع الجانب الامريكي والاسرائيلي الطلب من الرئيس محمود عباس تمديد المفاوضات، لكن القيادة  الفلسطينية رفضت هذا الاقتراح، لأنها تخشى تكرار سيناريوهات ما حصل في اتفاق "اوسلو"، الذي لم يقود بعد أكثر من 20 عاما إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
فشل المفاوضات بين الانتفاضة وعزلة إسرائيل الدولية
رفض فلسطيني لتمديد المفوضات، الصورة مهند حامد
القيادة الفلسطينية ترفض تمديد المفاوضات، لأنها تخشى تكرار سيناريوهات ما حصل في اتفاق "اوسلو"، الذي لم يقود بعد أكثر من 20 عاما إلى اقامة دولة فلسطينية مستقلة
يتخوف بعض المراقبين من أن فشل المفاوضات يضع المنطقة أمام خيار الانزلاق نحو انتفاضة ثالثة، فيما  يرى آخرون أن المرحلة المقبلة ستزيد من عزلة إسرائيل الدولية مع اشتداد موجة المقاطعة الأوروبية لإجبارها على التوقف عن الاستيطان والعمل على تحقيق حل الدولتين.
إلا أن السيناريو الثالث، الذي ترسمه القيادة الفلسطينية هو الاكثر واقعية وهو يقضي بالتوجه إلى الأمم المتحدة ومحاولة الانضمام إلى المنظمات الدولية، ومحاسبة إسرائيل على احتلالها للأراضي الفلسطينية عام 1967، حيث شكلت الرئاسة الفلسطينية لجنة لدراسات الخيارات القانونية بالانضمام إلى المعهادات الدولية عقب الحصول على دولة مراقب في الأمم المتحدة. وإبراز الخيارات الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية في حال فشل المفاوضات.
"هذا السيناريو المرجح يتطلب من الفلسطينيين الاستعداد لمعركة قانونية قاسية مع إسرائيل مع احتمالية فرض اسرائيل عقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية"، كما قال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض محمد شتية لموقع قنطرة على هامش فعاليات مؤتمر "فلسطين والقانون الدولي"، الذي عقد في مدينة أريحا وتمحور حول كيفية توظيف القانون الدولي لصالح اقامة دولة فلسطينية وفق القانون الدولي.
نبيل عمرو: المفاوضات الجارية لم تصل بعد إلى طريق مسدود
أما الكاتب والقيادي الفلسطيني المعروف نبيل عمرو فشدد في حديث خص به موقع قنطرة، "أنه ما زال من المبكر القول إن المفاوضات الجارية وصلت إلى طريق مسدود، مضيفا أن فرص التوصل إلى اتفاق مع جهد الأيام الاخيرة الذي سيبذلها وزير الخارجية الأمريكي كيري لا تزال قائمة، وهو ما سيتطلب المزيد من الوقت وتمديد المفاوضات".  وأضاف نبيل عمرو: "التمديد سيكون مرتبطا بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، التي ستكون العقدة المستعصية أمام تمديد المفاوضات، وفي حال أفرجت إسرائيل عن الأسرى لن يكون هناك مشكلة لدى القيادة الفلسطينية بتمديد المفاوضات".
وحول الخيارات المتاحة أمام القيادة الفلسطينية في حال فشل المفاوضات الجارية أشار عمرو إلى أن "الخيار المتاح أمام القيادة الفلسطينية هو التوجه إلى الأمم المتحدة والذي يحتاج إلى ترتيبات كبيرة، ويتطلب إيجاد صيغة ملائمة دون مغادرة العملية السياسية".
وفيما يتعلق بتأثير المجتمع المدني في المرحلة المقبلة يعتبر عمرو أن "المجتمع المدني الفلسطيني والاسرائيلي لا يمكن التعويل عليه بالقيام بدور فاعل في جسر الهوة بين الطرفين، وهو يكتفي بالدور المساعد والداعم، وفي حال لم يحدث انجازات واختراق على طاولة المفاوضات من قبل الحكومات سيكون دوره محدود  جدا وخاصة في اسرائيل".
سلام اقتصادي قبل السلام السياسي؟
وتتضمن  "خطة كيري" في شقها الاقتصادي ضخ مليارات الدولارات في خزينة  السلطة الفلسطينية الفارغة، وإقامة  مشاريع  اقتصادية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني وتخفيض البطالة المتفشية بالأراضي الفلسطينية.
وفي شوارع السياسة بمدينة رام الله المكتظة بالمتجولين، يتوارى مشهد سياسي قاتم حول الغموض، الذي يكتنف الحياة السياسة للمدينة الصاخبة ليلا،وهو غموض يشكل مصدر قلق وأرق لكل العاملين في المطبخ السياسي الفلسطيني، فيضوء حالة الترقب التي تعيشها "المقاطعة" (مقر الرئاسة الفلسطينية) إزاءالخطوة القادمة في حال فشل المفاوضات الجارية في ظل وجود التهديدات والضغوطات الأمريكية، ومع تصاعد دور الحركات والأحزاب الفلسطينية الرافضة لاستمرار المفاوضات الحالية.
البرغوثي: المفاوضات الجارية مصيرها الفشل
مصطفى البرغوثي
مصطفى البرغوثي: "المخرج الفلسطيني من مأزق عبثية المفاوضات الجارية العمل على تغير ميزان القوى لصالح الفلسطينين من خلال تعزيز المقاومة الشعبية السلمية وتوسيع حركة المقاطعة لإسرائيل العالمية كما حصل مع النظام العنصري في جنوب إفريقيا
ومن جانبه يرى المفكر الفلسطيني وأمين عام المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي في حديثه مع موقع قنطرة "أن المفاوضات الجارية مصيرها الفشل، مع  تبني وزير الخارجية الأمريكي كيري الموقف الإسرائيلي، واستخدام إسرائيل المفاوضات غطاء للاستمرار  في توسعها الاستيطاني، ومع تصاعد وتيرة قتل جيش الاحتلال للشبان الفلسطينيين".
"فبناء السلام مع إسرائيل في ظل وجود حكومة هي الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل لا يمكن أن يحدث وفق حل يلبي حقوق الفلسطنيين"، كما يوضح البرغوثي الذي كانت مجلة السياسات الدولية الشهيرة "فورينبوليسي" قد اختارته ضمن 100 أهم مفكرعالمي.
وبحسب البرغوثي "فإن المخرج الفلسطيني من مأزق عبثية المفاوضات الجارية العمل على تغير ميزان القوى لصالح الفلسطينين من خلال تعزيز المقاومة الشعبية السلمية وتوسيع حركة المقاطعة لإسرائيل العالمية كما حصل مع النظام العنصري في جنوب إفريقيا حين قاطعه العالم وأجبر على التخلي عن سياساته العنصرية، بالإضافة إلى إيجاد إرادة فلسطينية قوية للتوجه نحو الأمم المتحدة والانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة اسرائيل على ما ترتكبه من جرائم في حق الفلسطينيين، وتعزيز صمود الفلسطينيين ببنيان اقتصادي متين يمكن من الصمود في وجه الضغوط الإسرائيلية والأمريكية".
وحول دور المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي  يرى البرغوثي في رؤيته إن "المجتمع المدني يمكن أن يقوم بدور مهم في الضغط على إسرائيل من خلال استخدام نفوذه وعلاقته لتوسيع حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل واجبارها على منح الشعب الفلسطيني حقوقه". وتسبب مقاطعة الاتحاد الأوروبي للمستوطنات الاسرائيلية الحاق خسائر مادية لإسرائيل، إلا أنّ "المطلوب تصعيدها وتوسعتها حتى تحقق نتائج وضغوط على الحكومة الإسرائيلية لتلزم بالمواثيق والعاهدات الدولية"، بحسب البرغوثي.
الفلسطينيون سيلوحون باللجوء إلى عصا الأمم المتحدة
وبحسب الكاتب والإعلامي الفلسطيني المعروف إبراهيم ملحم فإن احتمالات فشل المفاوضات أكبر من نجاحها. ويرى ملحم أن السؤال الأهم هو: ماذا سيفعل الفلسطينيون والإسرائيلون في اليوم الثاني من فشل المفاوضات.
ويوضح الكاتب أن الفلسطينيين سيهددون باللجوء إلى الأمم المتحدة ومنظماتها، الذي لن يأتي بنتائج سريعة الأجل وسيكون بالتراكم، وهذا الخيار ممكن ولكن سيكون اللجوء إليه بالتدريج.وكذلك سيلوح الفلسطينييون بالانضمام الى محكمة الجنايات الدولية. وسيكون رد اسرائيل بتصعيد هجماتها على الأرض وفرض عقوبات اقتصادية تؤدي الى اضعاف السلطة وصولا إلى انهيارها، والتسبب في انفجار الوضع الداخلي الفلسطيني الذي لن يتحمل ذلك ويتطور إلى مستوى مواجهات مع إسرائيل خاصة إذا ما ارتفعت أعداد الجنازات الفلسطينية اليومية بالرصاص الإسرائيلي".
تمديد المفاوضات مرتبط "بالدفع المسبق"
جدارية "هنا أرض كنعان" في الأراضي الفلسطينية، الصورة مهمد حامد
تأثير المجتمع المدني في المرحلة المقبلة: "المجتمع المدني الفلسطيني والاسرائيلي لا يمكن التعويل عليه بالقيام بدور فاعل في جسر الهوة بين الطرفين، وهو يكتفي بالدور المساعد والداعم، وفي حال لم يحدث انجازات واختراق على طاولة المفاوضات من قبل الحكومات سيكون دوره محدود جدا وخاصة في اسرائيل".
وفضلا عن ذلك يرى ملحم أن قبول الفلسطينيين بتمديد المفاوضات سيكون مرتبط بالدفع المسبق وأن الخلاف سيكون على "سعر التمديد"، الذي سيتطلب دفع  تكلفة عالية للفلسطينيين لقبول التمديد، من إطلاق سراح قيادات فلسطينية من السجون الإسرائيلية والسماح للسلطة بتوسيع مشاريعها الاقتصادية في المناطق "سي" التي تسيطر عليها إسرائيل، وهذه المطالب من الصعب  استجابة إسرائيل إليها وخاصة في ظل ضعف الضغط الأمريكي على إسرائيل، مما سيجعل المنطقة بين شد وجذب لا أحد يعلم إلى أين  سيفضي".
غير أن ملحم استبعد إمكانية انزلاق وتطور أحداث المنطقة عقب فشل المفاوضات الجارية الى انتفاضة ثالثة، خاصة أن الفلسطينيين خسروا الكثير في الانتفاضة الثانية ولا يرغبون في تكرار هذه التجربة، وكذلك سيحرص الفلسطينيون على عدم استخدام العنف المسلح للحفاظ على صورتهم من التشويه أمام العالم.
كما اعتبر أن عزلة إسرائيل دوليا أمر غير واقعي، لأن اسرائيل تملك "القدرة على التأثير على القرار الأوروبي والامريكي، وأن قرار العزلة يعني معاداة اسرائيل وأنها ستسوق هذا الأمر على أنه معاد  للسامية، لذلك لن يجرؤ أحد عليه، وسيتم الاكتفاء بالمقاطعة المحدودة للمستوطنات، وهذا أمر مقبول".

مهند حامد –  رام الله  
حقوق النشر: موقع قنطرة 2014

كاتدرائية قرطبة: الكنيسة-المسجد والتراث الثقافي العالمي

هل تنكر قرطبة الإسلام؟

يود أسقف قرطبة لو يتناسى الناس أن كاتدرائيته كانت في الماضي مسجداً. لكن مَن يتنكر في أيامنا هذه للتراث "الموريسكي" الإسلامي في إسبانيا فهو ينكر نحو 5 قرون من التاريخ المؤثر ثقافياً في البلاد. غير أن إسبانيا ليست المكان الوحيد الذي يهدد فيه الجهل الديني جواهر الفن المعماري، بل يتجاوز ذلك قرطبة إلى اسطنبول والقاهرة وكابول، وفق رؤية ديتر بارتيتسكو التالية.
القدرة على النقد الذاتي فضيلة عظيمة في أوروبا. غير أنها في بعض الأحيان تقترن بالنزوع الوخيم العواقب نحو الصوابية السياسية. هذا هو الحال في إسبانيا حيث أثار الاهتمام التماسٌ على الانترنت، صاغه في نهاية عام 2013 مؤرخون وقانونيون وصحافيون، ووقع عليه حتى الآن 91 ألف متعاطف.
يطالب الالتماس بوضع كاتدرائية قرطبة تحت إشراف الدولة. والسبب: لقد وضع أسقف قرطبة الحالي يده على هذه الكاتدرائية، واستولى عليها استيلاءً "قانونياً واقتصادياً ورمزياً". وكان هذا البناء قد شُرع في تشييده عام 785 في عهد الأمير عبد الرحمن الداخل ليكون الجامع الرئيسي في المدينة التي كان يحكمها الموريسكيون آنذاك، ثم تم توسيعه حتى عام 1009 ليصبح ثالث أكبر جامع في العالم، وبعد ذلك دُشن ككاتدرائية في عام 1236 في أعقاب استعادة المدينة مسيحياً.
إن رأس الكنيسة، هكذا يذكر الالتماس، يسمح في صمتٍ بنزع الرموز الإسلامية، ومحو وصف "مسجد" من الكتيب الرسمي للمِسكيتا كاتيدرال "الكاتدرائية المسجد Mezquita Catedral ". كما أن أسعار تذاكر الدخول التي ارتفعت ارتفاعاً هائلاً في الفترة الأخيرة لا يستفيد منها سوى الكنيسة الكاثوليكية. هذا كله يتنافى مع إعلان اليونيسكو "المسكيتا" في عام 1986 "رمزاً للوئام بين الحضارات والأديان المختلفة" وضمها إلى قائمة التراث الثقافي العالمي.
الآثار المعمارية المتعاقبة في المنطقة
الحجة مقنعة. على الأقل فيما يتعلق بتسامح الإسلام المبكر: إن المهندسين المعماريين الذين عينهم الأمير لم يتورعوا خلال بناء الجامع عن استخدام 900 عمود قديم، كان ينظر إليها آنذاك على أنها "وثنية"، وذلك من أطلال المعابد والكنائس التي بنيت في عصر المسيحية الأول في قرطبة الرومانية. وتم انتزاع بعض هذه الأعمدة من كنيسة القديس فنتسنتس، وهي الكنيسة السابقة للمسجد، وكانت آنذاك في خدمة المسيحيين والمسلمين معاً قبل أن يبيعها مالكوها المسيحيون حتى تُهدم لصالح بناء المسجد.
كاتدرائية قرطبة: الكنيسة-المسجد. Foto: JMN/Cover/Getty Images
شُيد بناء الكاتدرائية الحالية لقرطبة في عام 785 في عهد الأمير عبد الرحمن الداخل ليكون الجامع الرئيسي في المدينة التي كان يحكمها الموريسكيون آنذاك. إن رأس الكنيسة، هكذا يقولون، يسمح في صمت بنزع الرموز الإسلامية، ومحو وصف "مسجد" (مِسكيتا) من الكتيب الرسمي لـ"الكاتدرائية المسجد".
عندما تحولت قرطبة في القرن العاشر الميلادي من إمارة إلى جزء من الخلافة الإسلامية كانت المدينة قد زاد عدد سكانها إلى 500 ألف نسمة. كان يعيش بها مسلمون ويهود ومسيحيون، وكانوا يستخدمون ويحافظون على جسر الرومان (الباقي حتى اليوم)، وكانوا يبنون دور العبادة دون عائق. ليس من العجيب إذن أن يتبنى مؤرخو الفن الأوروبيون في القرن التاسع عشر النظرية التي تقول إن بدايات الفن القوطي في أوروبا مستمدة من الأقواس المدببة والأقبية في المساجد والقصور الموريسكية في إسبانيا.
لم تكن "المِسكيتا" في قرطبة هي المعنية بهذا الكلام، بل عدد وافر من الأعمال المعمارية. وأشهر تلك البنايات هو قصر الحمراء الذي شيده بنو نصر قصراً للمتع والملذات في غرناطة في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، أما أجملها فنجدها - إلى جانب تلك المقامة في قرطبة - في مدينة طليطلة. الكنيسة التي تلقى أكبر إقبال من الزوار في طليطلة، وهي كنيسة سانتا ماريا لا بلانكا Santa Maria la Blanca ، بُنيت عام 1180 كمعبد يهودي حسب الطراز الموريسكي، ثم حُولت إلى كنيسة عام 1405 بعد طرد اليهود من المدينة. وتعد الكنيسة الصغيرة إل كريستو دي لا لوز El Cristo de la Luz مَعلماً آخر من معالم المدينة، وهي كانت قد أُسست كمسجد، يُعرف باسم باب المردوم، في عام 999، ثم حول المسجد إلى كنيسة عام 1085، وفي القرن الثاني عشر تم توسيعها على الطراز الأندلسي الموريسكي المدجن، طراز "الموديخار".
ضربات موجهة إلى النسيج البنائي الرقيق
وبعد مرور مئة عام ما كان ليكون مثل هذا التوسع الموريسكي ممكناً، إذ كان كلما زادت محاكم التفتيش، أمسى التعامل أكثر تعصباً مع كل ما هو موريسكي. وفي عام 1227 تعرض الجامع الرئيسي في طليطلة للتدمير، ولم ينقذه من هذا المصير أنه كان في الأصل كنيسة البلاط التي يصلي فيها الملوك القوط الغربيون المسيحيون. آنذاك طالب الملك فريديناند الثالث، المسمى بالقديس، بتشييد بيت عبادة قوطي مسيحي "طاهر"، وأمر، لذلك، بهدم الجامع. في قرطبة كان الملك أكثر تسامحاً – صحيح أن المسجد الجامع، "المِسكيتا"، أصبح مسيحياً، لكنه ظل كما هو، بغض النظر عن بناء بعض الكنائس الصغيرة الملحقة.
وبعد مرور ثلاثمئة عام كان التسامح والتساهل قد ولى وانقضى إلى غير رجعة، فوضع أسقف قرطبة في عام 1523 حجر الأساس لكاتدرائية جديدة في قلب صحن المسجد، وإنْ كان قد وُوجِهَ بالاحتجاجات من قِبَل مجلس المدينة. وحسبما يُقال فإن القيصر كارل الخامس قال، بعد أن تفقَّدَ الكنيسة التي كانت أعمال البناء فيها أوشكت على الانتهاء: "لقد شيدتم بناءً له مثيلٌ في أماكن أخرى – ومن أجل ذلك دمرتم بناءً كان فريداً في العالم كله". غير أن هذا لم يمنع القيصر من أن يبني قصراً مكعباً يبدو كالمخبأ، وكأنه بذلك يوجه لكمة إلى النسيج البنائي الرقيق للقصور الموريسكية وملحقاتها.
إنكار تاريخ البلاد
من هذه الزاوية يبدو أسقف قرطبة الحالي، ديمتريو فرناندز، ابناً باراً للأسقف العنيد الذي جلس على كرسي الأسقفية ذاتها في عام 1523. صحيح أن مقدمي الالتماس لم يقدموا حتى الآن الدليل على ما يدعونه من إبعاد للرموز الإسلامية، غير أن كل شخص يستطيع أن يتأكد من كيفية تعامل الأسقف مع تاريخ البناء كمسجد باعتباره فصلاً لا أهمية له، وكيف أنه يعلن المرة بعد الأخرى أن البناء "بلا شك كاتدرائية".
وتظل محاولات محو ذكرى الأصل الموريسكي محاولات مُستنكَرة، ولا يغير من الأمر شيئاً أن الاسم الأصلي القديم للكاتدرائية، والذي لا يمكن محوه، هو "المِسكيتا"، وهي الكلمة الإسبانية للمسجد، (تُسمى الكاتدرائية رسمياً: "كاتدرائية سيدتنا الحبيبة التي حُبل بها بلا دنس"). هذه المحاولات تثير الضحك أيضاً: من يتنكر في أيامنا هذه للتراث الموريسكي في إسبانيا، يُنكر نحو خمسة قرون من التاريخ المؤثر ثقافياً في البلاد، ويتقهقر عائداً إلى أصولية عهد فرانكو التي تجاهلت كل ما هو موريسكي أو اعتبرته هامشياً.
مجموعة سياح في كاتدرائية قرطبة: الكنيسة-المسجد. Foto: © dpa
تُعد كاتدرائية قرطبة، المسكيتا، أحد أكثر المعالم السياحية في إسبانيا التي يقبل على زيارتها الناس. وحسبما يتردد فإن أسعار تذاكر الدخول التي ارتفعت ارتفاعاً هائلاً في الفترة الأخيرة لا يستفيد منها سوى الكنيسة الكاثوليكية.
توجه عام
ويجب أن تكون الحجة الدامغة خلال مداولات الحكومة المحلية في الأندلس، التي تدرس القضية في الوقت الحالي، هي الإشارة الواردة في الالتماس إلى أن "المسكيتا" في قرطبة ليست ملكاً للكنيسة الكاثوليكية وحدها (ففي عام 2006 أمر ديمتريو فيرنانديز بتسجيلها في السجل العقاري على اسمه)، بل هي ملكية ثقافية للبشرية جمعاء.
وبالطبع، ثمة مثالية ساذجة تختلط بحماسة مقدمي الالتماس. إذ أن "الوئام النموذجي بين الحضارات المختلفة" الذي يتحدثون عنه بعشق بالغ يتلاشى مُخلياً الساحة في العالم كله لمواجهةٍ تُعبر عن ضيق أفق يتزايد يوماً بعد يوم: عندما قام أفراد فقدوا عقلهم من طالبان في باميان بنسف تماثيل بوذا العملاقة من القرن السادس الميلادي، والتي تعد جزءاً منالتراث الثقافي العالمي - هذه التماثيل بما تمثله من مزيج بين الفن الإغريقي القديم والفن المحلي بقيت طوال 1500 عام من الحكم الإسلامي دون أن يلحقها ضرر- وذلك بحجة أنها من صنع "الكافرين"، فقد نُظر إلى ذلك على أنه مجرد استثناء.
غير أننا عايشنا في السنوات التي تلت ذلك كيف تم تدمير أعمال فنية قديمة في كابول باعتبارها وثنية، أو كيف نهبت ثم بيعت في كثير من الأحيان، وعرفنا أن الدبابات الأمريكية في العراق مرت فوق أنقاض بابل، وشاهدنا كيف تم تحطيم روائع الفن المصري القديم في المتحف المصري خلال الانتفاضات التي شهدتها القاهرة، ونسمع منذ ذلك الحين أن الإسلامويين الأصوليين يطالبون بنسف الآثار الفرعونية.
التاريخ المشترك يتلاشى كالسراب
 لقد خيّم الصمت منذ وقت طويل على علماء الآثار الألمان الطيبين الذين كانوا يدعمون مطالب مصر بعودة رأس نفرتيتي. الشيء نفسه ينطبق على المطالب الحالية في البرلمان التركي التي تطالب بتحويل "آيا صوفيا" إلى مسجد مرة أخرى، حيث أنها لم تعد تثير في أوروبا سوى وجوم صامت، صمت يمكن أن تضيع فيه أيضاً المطالب الإسبانية. وشيئاً فشيئاً نكتشف أن الأساس المشترك الذي لا تتوقف اليونسكو عن وصفه بالحضاري، الأساس الذي يشمل كل الاتجاهات  العقائدية والايديولوجيات: نكتشف أن هذا الأساس يتلاشى كالسراب.
ليس خطأ مقدمي الالتماس الإسبان أنهم يناشدون روح المسؤولية المشتركة تجاه التراث الثقافي، الخطأ هو أنهم لا ينظرون إلى قرطبة كمثال نموذجي آخر على هذا التصدع. إن دفن الرأس في الرمال، مثلما يفعل الأسقف في قرطبة، يتطابق مع السلوك ذاته لنواب البرلمان الذي يطالبون في أنقره بإعادة "آيا صوفيا" إلى أحضان الإسلام. وطالما أن الأحداث، من قرطبة حتى اسطنبول، ومن القاهرة حتى كابول، لا تثير الانتقادات العلنية في بروكسل أو نيويورك، لن تُبعث من جديد تلك الروح الحضارية التي ازدهرت قبل أكثر من ألف عام في جنوب إسبانيا.

ديتر بارتيتسكو
ترجمة: سمير جريس
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: فرانكفورتر ألغماينه / قنطرة 2014

"كمل جميلك" تتخلى عن دعم السيسي وتهدد بكشف المستور
















هددت حملة "كمل جميلك" بكشف المستور والحقائق الكاملة وفضح الأسماء التي تقف خلف المشير عبد الفتاح السيسي، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، إلى جانب التخلي عن دعمه ودعم مرشح آخر للرئاسة.


وبحسب مصادر خاصة لـ"إرم" فأن المشير عبد الفتاح السيسي، رفض تولي الحملات الداعمة لترشحه رئيساً لمصر، حملته الرسمية، بالإضافة إلى اختيار عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين لرئاسة الحملة الانتخابية له، الأمر الذي أغضب تلك الحملات، وعلى رأسهم حملة "كمل جميلك" أكبر حملة داعمة للسيسي.

وخلال مؤتمر صحفي عقدته "كمل جميلك" الاثنين تحت عنوان "شكراً سيادة المشير" هددت بكشف الحقائق كاملة، ومن المقرر أن تكشف الحملة عن تفاصيل كاملة حول تمويل الحملة الحالية للسيسي.

كما سوف تكشف حملة "كمل جميلك"، أسرارًا حول خلافات قد وقعت بين المشير وأعضاء الحملة، بسبب رفض المشير تولي "كمل جميلك" حملته الرسمية، بالإضافة إلى أن الحملة سوف تتخلى عن دعم السيسى وتدعم مرشح آخر للرئاسة.