السبت، 12 يوليو 2014

رسائل مشعل الخمسة وخطاب الرئيس ابو مازن .. 300 ساعة على اختفاء المستوطنين وحال قطاع غزة

رسائل مشعل الخمسة وخطاب الرئيس ابو مازن .. 300 ساعة على اختفاء المستوطنين وحال قطاع غزة
تاريخ النشر : 2014-06-24
 
كتب غازي مرتجى
(1)
أطلّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في لقاء على قناة الجزيرة مساء يوم الاثنين ليحمل اللقاء عدة رسائل هامة وزّعها مشعل على عدة أطراف أهمها "المجموعة الآسرة" , "السلطة الفلسطينية" , "إسرائيل" , "الولايات المتحدة" و اعضاء تنظيمه بالداخل والخارج ..

بادرت الاعلامية غادة عويس اللقاء بسؤال خالد مشعل عن ان كانت حركته مسؤولة عن عملية أسر المستوطنين فأجابها كما الخطاب الحمساوي السائد منذ أحد عشر يوماً أننا لا ننفي ولا نؤكد لكن نقدّر ونحترم ونساند .. 

في خضم لقاء خالد مشعل أكّد ان عملية اختفاء المستوطنين ليست بـ"كاميرا خفية" وأنّ أي قيادي اسرائيلي لن يضع نفسه في موقف "هزء" وفي حديث مشعل تأكيداً على ان اختفاء المستوطنين الثلاثة في الخليل عملية مدبرّة تقف خلفها احدى فصائل المقاومة .
الرسالة الأولى التي أرسلها مشعل كانت للمجموعة الآسرة حيث أكّد لهم انّ حركة حماس لن تخجل بالاعلان عن مسؤوليتها إن كانت المجموعة تتبع لهم بل وأكّد أنه مستعد شخصيا لتحمل كافة ما سيلي اعلان المسؤولية من اغتيالات او حرب ..الخ .

باعتقادي أنّ المجموعة الآسرة لم تقم بالاتصال باي جهة رسمية تتبع لها نظراً للوضع الامني المعقد الذي تعيش فيه بالتاكيد في تلك اللحظات التي تنتظر فيه اسرائيل اشارة واحدة لمعرفة مكان اختبائهم .. لكن ان وصلت الرسالة الى المجموعة الآسرة فبالتأكيد ستتمكن من ايصال رسالتها بطريقة أو بأخرى لمسؤوليها .. قد لا يكون اليوم او غداً لكن الأمر لن يتجاوز الشهر الكريم .

خالد مشعل أرسل بتطمينات الى المجموعة الآسرة وفنّدد اتهامات الاحتلال ورئيس الحكومة اليمينية حول عملية "الخطف" مؤكداً أن من حق اي فلسطيني الانتقام لكرامته ولأسراه وشهدائه ..

الرسالة الثانية التي ارسلها مشعل كانت لاسرائيل حيث ظهر بمظهر الواثق من نفسه في حديثه بارد الاعصاب لم تؤثر عليه التهديدات بتدمير حركته وقلبها رأسا على عقب وانما أكد لهم بالإيماء أن دماءه لن تكون اغلى من دماء الطفل محمد دودين .

الرسالة الثالثة كانت للولايات المتحدة مطالبا اياها بالتعامل مع الطرفين كقوة كبرى لا كقوة تابعة لاسرائيل مؤكدا ان الولايات المتحدة نفسها تعتبر الاستيطان في اراضي 67 غير شرعي والمستوطنين الثلاثة فقدت اثارهم في اراضي الـ 67

رسالة مشعل الرابعة كانت للسلطة الفلسطينية , فعلى الرغم من استفزاز مذيعة الجزيرة له ليتهجّم على الرئيس او وزير خارجية حكومة الوفاق الموافقة على تشكيلها وشرعيتها حركته إلا ان مشعل ابى ذلك وأكد ان حماس مصرّة على انهاء الانقسام واستكمال الطريق الى النهاية على الرغم من العقبات الكثيرة التي تقف في وجه اتمام المصالحة حتى اللحظة .

اما الرسالة الخامسة وهي الاهم من خالد مشعل فكانت لمنتسبي حركته فقد حاول ايصال رسالة "حمراء" لهم بضرورة الاستعداد لما هو قادم فلن تنتهي العملية الاسرائيلية الى ما وصلت اليه وقد تنتقم شر انتقام من حماس في حال ثبت مسؤوليتها عن عملية أسر الجنود في الخليل وهو ما كان واضحاً بشكل جلي من خالد مشعل في خطابه بضرب جرس الانذار لابناء تنظيمه .. استعدوا
لقاء خالد مشعل على قناة الجزيرة له ما بعده .. وما بعده ينتظر وصول الرسائل الى المعنيين .

(2)
مخطيء من يظن أنّ السياستين الأمريكية والإسرائيلية على تناغم تام بل على العكس فالسياسيتان متنافرتان الى ابعد الحدود وما الحال الاسرائيلي المحشور في زاوية يتلقى فيها السباب والتطنيش الأمريكي أولاً والأوروبي ثانياً إلا مثالاً صغيراً على العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية . 

ما يقارب 300 ساعة بالتمام والكمال انقضت منذ اتصال احد المستوطنين برقم الاستغاثة ليقول لهم "لقد خُطفنا" وحالة العبث الاسرائيلي في مدن الضفة كافة واستغلال اختفاء مستوطنيها أسوأ استغلال مؤشر قوي على عبقرية المدبرين ومدى دقة التنفيذ .
حالة التيه الاسرائيلية التي نجمت عن عملية أسر ثلاثة من جنودها غير مسبوقة وكما ذكرت في مقال سابق فبعد خروج نتنياهو واعلانه رسميا عن خطف المستوطنين وتبعه في الاعلان وزير الخارجية الامريكي , يكفي هذا الاعلان من شخصيات بمستوى نتنياهو وكيري للتأكد أنّ اختفاء المستوطنين الثلاثة عملية مدبرّة وليست مسرحية كما تحدث البعض بل هي عملية مدبرّة بحنكة وخبرة عالية للغاية .

عودة الى العلاقات الامريكية الاسرائيلية التي كانت متوترّة في الآونة الأخيرة -بعد انسحاب نتنياهو من المفاوضات- فقد حاول نتنياهو وبضغط من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة تغيير تلك الصورة لدى صناع السياسة الامريكية وكان من الواجب على الجانب الفلسطيني ان يخرج بتصريحات قد لا تعجب كل الشعب الفلسطيني لكنها ضرورة وطنية في اللحظة التاريخية التي جاول نتنياهو استغلالها لتفرض الولايات المتحدة عقوباتها على القيادة الفلسطينية والرئيس بضغط من نتنياهو واللوبي اليهودي بالتوازي فخرج الرئيس ابو مازن واثارت تصريحاته حنق الكثيرين لكنها تعتبر في علم السياسة وعلاقات الدول حنكة .. واللوم يوجّه لسفرائنا في الخارج فهم من بإمكانهم تغيير الوقائع الاسرائيلية بعمل ديبلوماسي محكم دون استفزاز للشعب الفلسطيني بتصريحات علنية .. لكن وكما دوماً فقد تحمّل "عامود الخيمة الفلسطينية" المسؤولية الوطنية وخرج بـ"سواد الوجه" أمام شعبه في مقابل حماية شعبه من ويلات التحالف الامريكي - الاسرائيلي الذي سيجر طبعاً الدول الاوروبية وغالبية دول العالم قد تكون بعض الدول العربية في مقدمتها .. أفشل الرئيس بخطابين موجهين للراي العام العالمي ولصناع السياسة العالمية المخطط .

على الجميع ان يفهم انّ الرئيس ليس من كوكب "بلوتو" وبامكانه التحدث بمنطق آخر وكان بامكانه ان يُحوّل كلماته اشعاراً يتغنى بها الجميع ويكتبوها على الجدران ويؤلفّون لها الاغنيات وسنستمع لبشرة خير فلسطينية جديدة .. لكنها ستصبح "بٌشرة زفت" بعد فض المولد وانقضاء ايام السامر ..!

لا أدافع عن الرئيس فله من الناطقين باسمه والمحبين له الكثير لكن لو عدنا الى تصريحات ياسر عرفات يوم ادان العمليات الاستشهادية وتبيّن بعد استشهاده انه الداعم الرئيسي لها !؟ لماذا لا نضع احتمالاً بذلك عند الرئيس أبو مازن ؟

ما وراء العملية العسكرية الاسرائيلية في الضفة الغربية حقائق يجب ان يعرفها الجميع وأولاها الامعان بفصل الضفة عن غزة جغرافياً وديمغرافياً وثقافياً .. الخ , وثانيها وهي الاخطر الانسحاب احادي الجانب من الضفة والابقاء على دولة كنتونات تصبح فيها السلطة عبارة عن جابي ضرائب وصاحب جمعية خيرية كبرى لجمع التبرعات والاكراميات ..! عندها سنجد من الضفة نموذجاً صومالياً آخر ففك الارتباط مع اسرائيل يعني لدى اهالي الضفة الكثير وعانى منها عمّال غزة سابقاً ..!

(3)
الغوص في تفاصيل العملية العسكرية الاسرائيلية في الضفة يعطي نتائج واضحة للجميع بأنّ عملية اسرائيل الامنية والعسكرية فاشلة من الطراز الاول وما يحدث هو محاولة القول للراي العام الاسرائيلي اننا لم ندخر جهداً في الوصول الى المختطفين الا وقمنا به  .. تصريحات قادة الامن الاسرائيلي الاخيرة اعتراف بالفشل وانتظار للمعلومة الذهبية التي يؤكد مختصو الامن انّ الخاطفين من بني البشر وكل ابن آدم خطّاء .. لكن بمعنى الخطأ الامني ..!

مرور 300 ساعة على اخفاء المستوطنين جعلت  المستوى الامني الاسرائيلي يتخبط ولتدارك الهزيمة النكراء سمحوا بالنشر  يوم الاثنين ان جهاز الشاباك تمكن من اعتقال "قناص الخليل" وزعمت الصحف الاسرائيلية نقلا عن الشاباك ان المتهم من محرري صفقة شاليط , نفي صحة الاتهام كان على لسان قريب الأسير زياد الذي أكّد ان "القناص" المزعوم كان هو ونجله في المستشفى للعلاج ساعة وقوع العملية ولم يكن اي منهما في المنزل .. إسرائيل تحاول الابقاء على صورة الامن الاسرائيلي الذي يعرف "دبّة النملة" ولا تريد ان تطغو صورة الامن الاسرائيلي المهزوم على العقلية الاسرائيلية والفلسطينية على حد سواء .

العملية العسكرية الاسرائيلية في الضفة ستستمر في الخليل وسنشهد مداهمات لبعض المناطق والمدن هنا وهناك والهدف الأول هو ان يتعثّر احد جنود قوات الجيش الغازية بحفرة هنا او هناك او ان يجد خيطاً يوصله الى مكان اخفاء المستوطنين .. ليس إلاّ .. لكن ما حصل في الضفة هو المرحلة الاولى فقط من المخطط الاسرائيلي الدموي على كل الفلسطينيين على حد سواء والخطوات التي ستلي معرفة الخاطفين بشكل واضح وصريح وباعلان اي تنظيم فلسطيني المسؤولية عن ذلك ستكون عنيفة ودموية إلى حين هدوء الراي العام الاسرائيلي الداخلي .

بما يخص قطاع غزة , فيم لو اعلنت احد التنظيمات التي تتخذ من قطاع غزة مركزا لعملها ونشاطها فإن عملية عسكرية اسرائيلية دموية ستكون ضد القطاع لكن لن تكون موسعّة بمعنى اجتياح او اعادة احتلال وانما ستكون فقط محاولة توجيه ضربات قاتلة لفصائل المقاومة وقادتها والحصول على "كبش الفداء" الذي سيُقدمه نتنياهو لمناصريه وللداخل الاسرائيلي لأي عملية انتخابية قادمة وحتى لا يذكر تاريخ نتنياهو انّه "فشل" في كل شيء وقت حكمه ..

لن تغامر اسرائيل بعملية عسكرية في القطاع في الآونة الحالية لعلمها بطبيعة الرد الفلسطيني الذي سيؤثر بشكل كبير على الوضع الداخلي الاسرائيلي فوصول صاروخ جديد الى تل ابيب او القدس يعني اسقاط حكومة نتنياهو فوراً طبعا في حال استمرار اختفاء المستوطنين وعدم معرفة ولو خيط صغير عن مصيرهم .. لكن في حال حدوث اختراق في أمر "المخطوفين" فإن الانظار ستتجه الى القطاع ليجني نتنياهو ثمناً انتخابياً فقط وليتمكّن من المنافسة على الانتخابات القادمة .

حمى الله الوطن
 
 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق