قاسم سليمانـــي: “غـــزة بركـــان إلهـــي”..
أحمد الشرقاوي
الرسالة التي وجهها “الشهيــد الحــي” كما أصبح يعرف اليوم، اللواء ”قاســم سليمانــي’، إلى فلسطين والمقاومة في غزة، شكلت مفاجأة من العيار الثقيل، وقلبت العديد من المفاهيم والحسابات في المنطقة، بل هناك من المراقبين من ذهب حد القول أن ما قاله هذا القائد الكبير والخطير، رسم حدا فاصلا بين ما قبل غزة وما بعدها.
ولعل وصفه لما يحدث في فلسطين بأنه “الحد الفاصل بين الحق و الباطل”، في معركة الوجود والمصير التي يخوضها اليوم محور المقاومة من طهران إلى غزة رمز العزة، يختزل إلى حد كبير عنوان المرحلة الجديدة التي دخلتها المنطقة، ومن أهم سيماتها إعادة رسم الخرائط السياسية والجغرافية والأمنية على أسس جديدة، من موقع القوي المنتصر بفضل إنجازات المقاومة.
عندما إجتاحت “داعش” العراق وحل ‘قاسم سليماني’ على عجل في بغداد ليدير عملية وقف الزحف ومحاصرته وقطع إمداداته قبل البدأ بضربه لإنهائه، قلنا في مقالة حول “الشهيد الحي”، بأن هذا الرجل الذي هو بحجم أمة، مطالب اليوم أن يرقص على أكثر من حبل، في العراق وسورية ولبنان وفلسطين المحتلة.. واستنتجنا بمنطق الأمور أن الحل الوحيد المتبقي لمحور المقاومة للخروج من دوامة القتل والتدمير والتفتيت التي تتعرض لها مكوناته حصرا دون سواها، هو إعلان الحرب على الكيان الصهيوني المجرم باعتباره العنوان الصحيح لكل من أراد الجهاد الحقيقي في سبيل الله.. ولأن فلسطين هي القادرة وحدها على جمع الأمة وإعادتها لوعيها المغيب تحت تخدير ما يبثه إعلام الزيت من زبالة.
وها هو الجواب يأتي كالقدر الحاسم من إيران، وها هي أمنية كل شرفاء الأمة تبدو قابلة للتحقق بعد أن فاجئنا ‘سليماني’ برسالته القوية، والتي هي بمثابة إعلان حرب مفتوحة على الكيان الصهيوني بإعتباره مصدر أزمات الأمة وخرابها وسبب كل ما حصل ويحصل لها منذ أن زرع هذا السرطان الخبيث في جسدها، وقد آن أوان إقتلاعه بالمقاومة، وفي حال تطورت الأمور فبالمواجهة العسكرية الإقليمية.
لذلك أشار ‘سليماني’ إلى أن ما يحدث اليوم في فلسطين هو “بركان إلهي لا يمكن إخماده”، ما يعني أن غزة كانت بداية التفجير الصغير، وأن القادم سيكون أعظم على المجرمين لأن عذاب الله شديد.. هذا وعد الله.
ما قاله هذا الرجل، هو الجواب الذي كنا جميعا ننتظره على أحر من الجمر، بينما كان المتآمرون المزايدون على المقاومة يتسائلون، إن كانت صواريخ حزب الله هي فقط لنصرة ‘الأسد’ ضد شعبه في سورية لا المقاومة في فلسطين؟.. ومثل هؤلاء المنبطحين الأغبياء، لا يدركون أن حزب الله لا يتصرف وفق هواه ومن منطلق خياراته المحلية، بل عندما يتعلق الأمر بتهديد يستهدف وجود الأمة ومصيرها، فإنه يتصرف في إطار منظومة المقاومة كاملة.. هذا ما حدث في حرب لبنان 2006، وهذا ما حدث في سورية ويحدث اليوم في العراق، وهذا بالضبط هو ما سيحدث قريبا في فلسطين، في إنتظار أن يتطور الصراع فتنفجر الضفة الغربية أيضا، لتفتح أبواب الجحيم على الكيان الصهيوني من كل مكان.
جواب ‘سليماني” غير بوصلة الصراع نحو فلسطين، فخلط أوراق اللعبة برمتها، بعد أن وحد الهدف و وجه الصاروخ والرصاصة والدم والحجر والقلم نحو ‘فلسطين’ كعنوان يختزل كل معاني الجهاد في الإسلام وقيم الحرية والكرامة الإنسانية بالمفهوم الكوني لحقوق الشعوب المقاومة للظلم والحصار والإحتلال والإستكبار.. ولا حديث بعد غزة عن شيىء إسمه “العروبة”.. هذا حشيش لم يعد يخدر أحدا اليوم.. هناك ما هو أعظم وأجمل من كل العناوين، حين ينتابنا إحساس صادق بالإنتماء لأمة المقاومة، حينها نسترد هويتنا الحقيقية ونشعر بالفخر والإعتزاز فنتدوق طعم الإنتصار ونمارس حياتنا بكرامة.
ومن حيث التوقيت، جاءت هذه الرسالة المزلزلة لتقطع الطريق على كل السماسرة، وتعلن نهاية “المساومة” السياسية على ‘غزة’ المستضعفة، وبداية العد العكسي لتحرير فلسطين من الإحتلال الصهيوني بالقوة، ونزع ملف القدس من يد تجار الدم والدين الخونة.
خطورة الرسالة تأتي، أولا، من كون هذا العقل الأمني الجبار، كما يصفه الغرب، يرقص على حبال كل الصراعات والأزمات في منطقة آسيا والشرق الأوسط، رجل غامض يعيش في الظل بعيدا عن الظهور الرسمي وعن الإعلام، ولا يعرف عنه إلا القليل الذي لا يشبع ولا يغني من جوع. وخروجه هذه المرة علنا ليلقي برسالته المزلزلة، لم يكن من قبيل البازار السياسي الذي يتقن فن قواعده رجال الدولة في الجمهورية الإسلامية بدهاء، بل ما كان ليخرج إلا بتكليف من القائد الإمام شخصيا، وهذا يعني، أن الموقف الجديد على ضوء تطورات الميدان في غزة، تجاوز رسائل التحذير السياسية والتصريحات الدبلوماسية، ودخلت المنطقة في ما سيقول عنه التاريخ لا محالة، بأنه كان “بركانــا إلهيـــا” بدأ في غزة وانتقل إلى الضفة وأراضي 48 وانفجر في لبنان والجولان ليقدف حمم نيرانه على الكيان الصهيوني المحتل، فيقتلعه من الأرض المقدسة حتى لو أدى الأمر في حال دخول الولايات الأمريكية الحرب إلى تدمير القواعد الأمريكية في المنطقة وفي آسيا، وإغلاق مضيق هرمز، ليدخل العالم في أزمة إقتصادية وإجتماعية خانقة لم يعرف لها التاريخ نظيرا.
هناك من يعتقد أن مثل هذا التطور الدراماتيكي للأحداث قد يدخل العالم في حرب عالمية ثالثة.. وهذا صحيح، لأن ما يجري في أوكرانيا وتوجه أمريكا والأطلسي لمواجهة روسيا على حدودها، وأوامر ‘بوتين’ لجيش بلاده بالإستعداد لمواجهة توسع ‘الناتو’ على حدوده، وحرب العقوبات الإقتصادية الغربية ضد موسكو والتي تجاوزت الأشخاص لتطال مجالات حيوية حساسة كالطاقة والمصارف.. هي مؤشرات تصعيدية خطيرة تمهد لإنفجار كبير قد يتطور سريعا إلى حرب عالمية مدمرة في حال لم تغير أمريكا من سياساتها العدوانية.
وهو ما يجعل من إختيار إيران للحظة التصعيد و تهديد “إسرائيل” بأنه “في الوقت المناسب سنصب جام غضبنا على رأس الصهاينة المجرمين”، ليدفعوا ثمن جرائمهم التي إرتكبوها في فلسطين.. يؤشر إلى أن هناك تنسيق أمني وعسكري وثيق بين طهران وموسكو حول ما يجري في المنطقة من عدوان يستهدف النفود والمصالح الإيرانية والروسية والمشتركة، وخصوصا أن للحرب أهداف إقتصادية تتعلق بالنفط والغاز، ومحاولة تعويض أوروبا بغاز قطر والخليج عبر العراق وتركيا ليكون بديلا عن الغاز الروسي.
وخطورة الرسالة، ثانيا، تكمن في أنها صادرة عن رجل تعرفه مجتمعات المخابرات وإدارة الجيوش في أمريكا والغرب الأطلسي و”إسرائيل” ومملكة الظلام ومشيخات الخيانة في الخليج، بأنه عقل جبار، نجح في قهر أمريكا في أفغانستان، وهزيمتها في العراق، وإفشال مخططاتها التدميرية بالوكالة في لبنان وسورية والعراق واليمن وغيرها من ساحات الصراع بين حلف المقاومة وحلف المؤامرة.. وها هو اليوم يظهر للعلن ليعلن صراحة أن مسرح الحرب الكونية القادمة سيكون هذه المرة فلسطين المحتلة.
وبهذا المعنى، فالرسالة لا تكتسي طابعا سياسيا تعبر من خلاله عن موقف إيران المبدئي من العدوان على قطاع غزة فحسب، بل إعتبرت من قبل كل من يفهم أبجديات السياسة الإيرانية في المنطقة، أنها “إعلان حرب” صريح وواضح على الكيان الصهيوني المجرم وشركائه وداعميه في العدوان على فلسطين.
وحيث أن الجنرال ‘سليماني’ المرعب، ليس مسؤولا سياسيا ولا محللا إستراتيجيا، وبالتالي، فهو لا يعبر عن رأيه أو وجهة نظر بلاده، فما أعلنه هذا القائد الأمني والعسكري الكبير، الذي يختزل في قلبه هموم أمة وفي عقله خططا لمواجهة أعتى الأعداء بمن فيهم أمريكا نفسها، إنما هو “أمــر عمليــات” عسكري بامتياز، تنفيذا لتعليمات قائد الثورة الإسلامية العظيمة، الإمام خامنئي’ حفظه الله، ليقول للأعداء قبل الأصدقاء أن زمن الهيمنة الأمريكية والعربدة الصهيونية والعمالة العربية قد إنتهى، وبدأ العد العكسي لما أسماه بـ”البركان الإلهي” في فلسطين.
و’سليماني’ بحديثه عن “البركــان الإلهــي” لا يقصد بركان إنتفاظة الشعوب المسحورة كما حصل في الربيع العربي، لأنه ليس من الحكمة المراهنة على من مات فيهم الضمير ويحرصون على العيش في الذل كقطيع في مزرعة الراعي، بل بركان أوقد ناره رجال الله في غزة، ويهدد بالتوسع ليدخل محور المقاومة شريكا فعليا في الحرب، فيقذف حمم النار التي ستحرق الجيش الصهيوني الإرهابي وتنهي عربدته وتقتلعه من فلسطين السليبة كما أكد الإمام ‘الخامنئي’ في كلمته الثائرة الأسبوع الماضي، وطلب من أجهزته المختصة العمل على تسليح الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أيضا، ما دامت أمريكا تسلح “إسرائيل” بفائض المخزون من السلاح الفتاك، لتكون شريكة كاملة في قتل المدنيين من الشعب الفلسطيني الأعزل وتدمير مقدرات وطنهم المتواضعة.
“إسرائيل” فهمت الرسالة بسرعة، فأمرت باستدعاء 16 ألف من جنودها في الإحتياط، تحسبا للإنفجار القادم في الضفة الغربية بعد حديث ‘سليماني’ عن “البركــان الإلهــي”، وفي نفس الوقت، كثفت من طلعاتها الإستطلاعية والإستفزازية فوق الجنوب اللبناني بما يفوق المعتاد، لعلها ترصد أي تحرك مشبوه لرجال حزب الله الجبار على الأرض. وهو ما لم تفلح فيه في غزة المحاصرة فأحرى جنوب لبنان المفتوح وهي تتعامل مع أعداء كالأشباح لا يظهرون في النور.
الرسالة التي أراد إيصالها الجنرال ‘سليماني’ للقادة العرب مؤداها، أن زمن المزايدات السياسية على فلسطين إنتهى، ولم يعد مقبولا أن تراق الدماء الطاهرة ليأتي بعد ذلك العملاء والسماسرة فيقطفون إنتصارات المقاومة المنهوكة والمحاصرة، فيحولوها إلى هزائم وإخفاقات خدمة لـ”إسرائيل”.. هذا الزمن العاهر ولى وانقضى، وعلى الأعداء أن يدركوا أن فلسطين دخلت اليوم من بوابة غزة العزة عصرا جديدا لا صوت فيه يعلو فوق صوت الصاروخ والرصاصة. وهذا هو معنى “الربيع الفلسطيني”.. والفرق بينه وبين “ربيع النعاج العربي” هو أن ربيع الشهداء في فلسطين سيحول “الأرض والهواء والبحر جهنماً للصهاينة” كما أكد اللواء سليماني في رسالته التاريخية التي ستغير وجه المنطقة وإلى الأبد، كما سبق وأن بشرنا سماحة السيد ذات خطاب.
أما ما يحكى عن ورقة “التصفية” المصرية، فبعد رسالة “الشهيد الحي”، لم يعد لمصر من دور يذكر في العملية، ولن تستطيع السعودية فرض خيارها على شعب حر يقاوم الإحتلال بالدم ويدعمه الآن علنا محور المقاومة بأكمله من طهران إلى لبنان.. وبهذا، تحولت القضية الفلسطينية إلى قضية دولية سيرتبط بحلها مجمل ملفات الصراع في المنطقة.
لا خير يرجى من نظام ‘السيسي’ العميل الذي حول مصر إلى إقطاعية عسكرية صهيونية شريكة في العدوان على شعبنا المجاهد الصامد في غزة، رغم القتل والدمار والجوع والعطش والمعاناة.. ولا خير في شعب مهزوم (إلا من رحم الله)، قبل بالتنازل عن كرامته مقابل رغيف العيش الملوث برائحة النفط المقززة، ولا يتظاهر ضد إعلام صهيوني يحرض إسرائيل على قتل الأشقاء في غزة لأنهم “إرهابيين” كما تقول أمريكا و”إسرائيل”، بل ويطالب الإعلام المصري اليوم علنا بتقديم قادة المقاومة إلى محكمة الجنايات الدولية بإعتبارهم مجرمي حرب يقدفون الشعب الصهيوني “المسالم” بصواريخ المجارير ومواسير الصرف الصحي.
يحدث هذا في الوقت الذي قتلت فيه “إسرائيل” 6 جنود مصريين وأصابت 12 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، بقصف جوي على الحدود المصرية مع القطاع قرب ‘بوابة صلاح الدين’ عصر يوم الأربعاء.. ومع ذلك لا زال الصمت الرسمي في المحروسة هو سيد الموقف، ولو كانت المقاومة في غزة قتلت جنديا مصريا بالخطأ، لقامت الدنيا ولم تقعد مطالبة بالإنتقام.
وإذا كان العميل ‘السيسي’ يعتقد أنه سيعيد لمصر دورها القيادي العربي عبر الضغط على الشعب الفلسطيني المظلوم من بوابة معبر ‘رفح’ مع غزة غزة، فإنه واهم ومشتبه، يخلط بين الرؤية السياسية الموضوعية والإنسانية الأخلاقية في العلاقات بين الدول والشعوب، وبين الإدارة العسكرية التي تتلقى الأوامر من السعودية وإسرائيل وتنفذها حرفيا دون إعتبار للعواقب الكارثية التي قد تحملها مثل هذه الممارسة الإستبدادية التي تلغي ثوابت الأمة وتستفز مشاعر الشعوب الغاضبة في صمت وذهول.. خصوصا وأن “السيسي” الذي جاء بإنقلاب عسكري ضد “الديمقراطية” بتمويل سعودي وتسويق إعلامي صهيوني، حاول تقديم نفسه بالخديعة على أنه نسخة طبق الأصل من الزعيم ‘جمال عبد الناصر’ الجديد.. لكن الله لم يمهله طويلا، وجعل العدوان على غزة يكشف نفاقه وعمالته وخبثه وحقده على الفلسطينيين وموالاته للصهاينة والدفاع عنهم، أقله بإغلاق معبر رفح وهدم المزيد من الأنفاق بينما الشهداء يتساقطون بالعشرات كل يوم في غزة والجرحى بالمئات، لتكتمل المشاركة في الجريمة بكل عناصرها.
لهذا، وجه اللواء ‘سليماني’ اللعنة إلى الدول التي تدعم هذا الظلم الواقع اليوم على فلسطين بمن فيها ‘مصر’ من دون أن يسميها، قائلا: ” ألا لعنة الله على من ظلمكم ولا يزال.. ألا لعنة الله على كل ظالم دافع ولا يزال، وحمى ولا يزال، هذا الكيان المجرم.. ألا لعنة الله على كل من أغلق في وجهكم طرق الإمداد وشارك الصهاينة جناياتهم.. ألا لعنة الله على كل من يرى حزنكم ومرارتكم، وبصمته الجبان، يسمح بقتل شعبكم المظلوم”.. ونحن لا نملك أمام مثل هذا الدعاء الصادق إلا أن نقول: “آميــــــــــــن يـــا رب العالميـــــــــن”.
النظام المصري بتآمره على فلسطين والأمة العربية والإسلامية، يكون قد إختار نهج العمالة والإنبطاح وأضاع آخر فرصة كان يمكن أن يعود من خلالها إلى الحضيرة العربية.. أما اليوم فلم يعد ممكنا أن تلعب القاهرة المحتلة دور “الوسيط” الموضوعي النزيه بين المقاومة في غزة وحكومة الكيان الصهيوني المجرم، ولا نتحدث عن دور “الداعم” من منطلق الجوار والعروبة والإسلام و وحدة الوجود والمصير، لأن مثل هذه الشعارات التي نفخ فيها طويلا لم تكن تعني ما تقوله لقطعان الشعوب المهانة، بعد أن آثرت حياة الفقر والذل والإهانة على أن تستفيق من دوختها لتزلزل الأرض من تحت أقدام الطغاة الخونة، وتصنع مصيرها بالمقاومة التي أمرها تعالى باتباع سبيلها كخيار وثقافة ونهج يفضي إلى التحرر والعزة والكرامة والإنتصارات الإلهية المعجزة، و‘سنطانت للخوف والخنوع وواستسلمت للذل والإهانة، فتحولت بجكم سنة الله في الخلق إلى غثاء كغثاء السيل لا قيمة له في عالم الأقوياء، والله يحب المؤمن القوي على المؤمن الضعيف.
وخلاصة الرسالة تقول.. لن يعود العالم بعد غزة آمنا والشعب الفلسطيني يذبح على الهيكل قربانا لـ”إسرائيل”.. خصوصا بعد أن أذن الله تعالى للذين يقتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير.. وأمر المجاهدين في سبيل الله بقوله: (واقتلوهم من حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) البقرة: 191. وقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة: 14..
هكذا تحدث “الشهيـــد الحـــي” بلغة السماء وثقافة الجهاد الإسلامي الحقيقي الذي تتبناه المقاومة الشريفة، ليذكر إن نفعت الذكرى، أن “الجهاد” لتحرير فلسطين هو المفتاح الوحيد الذي يكمن فيه خلاص الأمة من كل أزماتها المتراكمة ومعضلاتها المركبة وتقهقرها وضعفها وفقرها وجهلها وتخلفها.. وأن “الشهادة” في سبيل الله هي السبيل الوحيد لعودتها قوية عزيزة كريمة كما كانت، (أحسن أمة أخرجت للناس).
وهذا لن يتأتى إلا حين يصبح المؤمن عاشقا للشهادة، يتوق لنيل شرفها، فيتباهى الله به في عليائه بين ملائكته، ويفرح بتضحياته الشرفاء في الأرض.. والشهداء هم صناع التاريخ وأعلام الأمة التي لا تنكسر ولا تموت.. لأن الموت هو مجرد بداية لحياة الخلود والنعيم المقيم بجوار العزيز القدير..
والشهادة باب أقل زحمة من أبواب المساجد التي لم يعد تدميرها في عزة من قبل الصهاينة يثير حفيظة الأعراب المنافقين.. وهي مقدمة لتدمير المسجد الأقصى كما حذر من ذلك سماحته في خطاب يوم القدس المجيد.
أما الواهمون الذين لا يزوالون يتشبثون بوهم قيام الدولتين فنقول، إسمعوا لرئيس الوزراء البريطاني ‘ديفيد كاميرون’ الذي قال الأربعاء: أن “الحقائق على الأرض بدأت في جعل حل الدولتين يبدو مستحيلا في فلسطين”…
هذا إعلان نهاية كذبة ثقيلة اتخدت مسارا طويلا دون فائدة، فارحلوا أيها السماسرة في السلطة ومنظمة التحرير، واتركوا الشعب الفلسطيني يقرر مصيره بالجهاد، وقد تكونون أول المستهدفين إن لم تهربوا قبل أن تصبكم حمم جحيم البركان الإلهي القادم في فلسطين.
المزيد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق