الخميس، 8 يناير 2015

 من أين ” تعيش ” حماس ؟ .


dollar

أحمد الحباسى

هذا السؤال ملح و يجب أن يطرح بكل شفافية و دون خلفيات مريضة ، من أين تعيش حركة حماس ؟ … بطبيعة الحال جواب الحركة جاهز و معلوم : من التبرعات … تبرعات أشخاص و تبرعات دول معينة ، هذا الجواب يثير كثير من الأسئلة أكثر مما يعطى جوابا عن السؤال ، لان التبرعات الشخصية العادية لا يمكن أن تجمع محصولا كبيرا من الأموال خاصة في ظل “العين ” الأمريكية المراقبة الفاحصة المدققة بعد كارثة 11 سبتمبر 2001 و تعلق إرادة الإدارة الأمريكية بمراقبة و تجفيف السيولة المالية للمنظمات المصنفة بالإرهاب ( حماس مصنفة حركة إرهابية على حد علمي ) ، هذا من جهة ، يبقى تبرعات الدول ، و هنا يجب البحث عن الدول المانحة و التساؤل لماذا تقدم هذه الدول تلك التبرعات الضخمة لقيادة منظمة مصنفة غربيا بالإرهاب بما يعنى القفز على القوانين و الغايات الأمريكية الرامية لمنع وصول سيولة مالية لهذه المنظمات ” الإرهابية ” ، يعنى أيضا أن هناك علم للإدارة الأمريكية بهذه التبرعات ، يعنى أن هذه الإدارة لا تريد أن تجابه حماس مشكل سيولة مالية يمكن أن تهدد بقاءها في غزة .
الظاهر للعيان أن أمريكا تلعب في هذا المجال و كعادتها لعبة قذرة ، فهي تقتصد تمويل السلطة و تغمض العين على “التبرعات” القطرية – التركية بالأساس لغاية إحداث توازن بين الإخوة الأعداء يمكنها من الضغط على السلطة لتقديم تنازلات “مؤلمة” تحت التهديد بالدخول في مفاوضات مع حماس ،أو قطع المعونات الأمريكية إذا لزم الأمر ، هذا من ناحية ، و على الجانب الآخر فإن تمكين حماس من السيولة المالية سيجعلها رهينة سياسات هذه الدول المعروفة بعلاقتها الوطيدة مع الكيان الصهيوني و بتنفيذها للأجندة الأمريكية الرامية لتفتيت المنطقة العربية و القضاء على موضوع القضية الفلسطينية ، هنا ، يبرز السؤال ، لماذا “تعيش ” حماس على التبرعات القطرية التركية بالأساس ؟ و هل أن قبول حماس بهذه التبرعات يدخل في باب التحالف الدولي ضد حلف المقاومة أو بالأحرى هل تبحث حماس على التخلص من عبء التمويل الإيراني ؟ .
حلف المقاومة يسلح و يمول حماس ، هذا لم يعد سرا ، و بخيانة و هروب خالد مشعل من دمشق انقطع حبل العلاقة بين الطرفين غير أن إيران ولأسباب إستراتيجية لا يمكنها في الوقت الحالي ، و رغم انكشاف عداوة حماس لحلف المقاومة و محاولتها الاندفاع للحضن الصهيوني القطري التركي ، اتخاذ مواقف متسرعة أو مندفعة لاعتقادها بهشاشة العلاقة الحالية بين حماس و تركيا و قطر و بأن الشعب الفلسطيني الذي يريد استرجاع أرضه المغتصبة لا يمكنه التعويل على مجرد تبرعات مسمومة يمكن أن تقطعها اليد الصهيونية في أي لحظة ، و لهذا ، تحاول إيران التخفيف من أضرار هذا التحالف الظرفى باعتماد سياسة الصبر و الانتظار التي تبرع فيها كما في حال الموضوع النووي ، و في كل الأحوال ، فقد بات جليا أن الدور القطري التركي قد بدأ بالانحسار سواء في الموضوع السوري أو المصري أو في موضوع التحالف مع حركة حماس بعد أن أستطاع السيد محمود عباس ضمان استمرار الدور المصري المعترف بالسلطة.
يقول موسى أبو مرزوق القيادي المعروف في حماس أن العلاقة بين هذا الجزء الفلسطيني العميل و بين إيران قد بدأت في الرجوع إلى حالتها الطبيعية السابقة لهروب العميل خالد مشعل إلى قطر ، هذا التصريح أسال كثيرا من الحبر في وسائل الإعلام العربية المتابعة للشأن الفلسطيني ، و لعل حراك السلطة الأخير في مجلس الأمن و الإمضاء على وثائق الانضمام إلى محكمة الجزاء الدولية يشكلان في نظر البعض ردودا على حالة التقارب بين حماس و إيران أكثر منهما تفاعلا مع المطالب الفلسطينية التاريخية ، بمعنى أن السلطة قد أرادت الإيحاء للشعب الفلسطيني بأنها الرقم الوحيد الصعب القادر على جر الكيان إلى المفاوضات بعيدا عن لغة السلاح التي يتحدث عنها حلف المقاومة كلغة وحيدة قادرة على استرجاع الحقوق الفلسطينية ، لكن و مهما يكن من أمر فقد استطاعت إيران في الآن نفسه “استعادة” حماس بأقل ما يمكن من الخسائر و إرسال إشارات واضحة للجانب القطري حتى لا يكرر هذه اللعبة السخيفة و في الآن نفسه تذكير القيادة الفلسطينية العميلة بأن الحل لن يكون إلا حلا يفرضه حلف المقاومة و لا شيء يمرر دون موافقة و رضا هذا الحلف القوى الذي فشل الأعداء في تقويضه رغم كل المحاولات المسعورة .
هناك سؤال ملح يتعلق بالعلاقات القادمة بين حماس و بين سوريا ، و هناك من يرفض العودة إلى نفس المربع السابق ، لكن السياسة لا تعترف بالعاطفة و لا بالمواقف الساخنة و بالتالي فان الدبلوماسية السورية قد نجحت لحد الآن في التعاطي مع هذا الملف و هي قادرة في اللحظة الصفر أن تتعاطى مع الوقائع و الأحداث بالشكل المناسب للمصلحة السورية و لما تتطلبه المرحلة خاصة أن خروج حماس من عباءة الدور القطري التركي سيصيبها بحالة من الإنهاك و الضعف بحيث يسهل التخلص من قيادتها العميلة و إعادة وضع هذه العلاقات على سكة واضحة تمنع تماما على هذا الفصيل ” الهروب” من جديد إلى ساحة العدو ، من هنا يجب التأكيد أن المال سيشكل في المرحلة القادمة السلاح الذي يمنع كل خيانة ، و أن حماس لن تقامر هذه المرة بخسارة الحنفية المالية الإيرانية خاصة بعد أن خسرت كل “قواعدها” المالية في المنطقة .
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية


من أين " تعيش " حماس ؟ . 
المزيد .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق