نعم كلاهما ..العقبة في كل الملفات يا نبيل!
حسن عصفور
نادرا ما يتحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بصراحة تامة، فهو عادة ما يلجأ الى اللغة الديبلوماسية جدا، والخجولة في بعضها عندما يتناول القضايا الأساسية التي تتعرض لها المنطقة عموما وفلسطين خصوصا، وبالتحديد إن أجبر على الكلام فيما يخض 'الشأن الداخلي' الفلسطيني..
لكن يبدو أن 'خجله' 'والحياء السياسي' الذي يتسم به، لم يعد له مكانة، وفقد الرجل صبره الطويل لينطق بلا أي ضبابية سياسية أو ارتعاش الرسمي العربي: بـ 'أن الدول المانحة ترفض أن تسلم الأموال لحركة حماس، الخلاف الداخلي وعدم التعاون بين السلطة وحماس عطل إعادة الإعمار، موضحاً أن هناك اتصالات من المانحين مع الجامعة العربية والأمم المتحدة كي يتم دفع الأموال من خلال وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، متوقعاً أن تنجز هذه الآلية قريباً'.
أي كارثة وطنية تلك التي كشفها السيد نبيل العربي، والتي يعرفها غالبية أهلنا في فلسطين، بأن اعادة اعمار قطاع غزة - إقرا اعادة إعمار كل ملفات فلسطين - ، متعطل بسبب خلاف فتح وحماس، وأنهما ولا غيرهما، تخيلوا لا غيرهما، بما فيها دولة الكيان، من يقف حائلا وعائقا أمام اعادة اعمار القطاع، تلك المسألة التي لا يدفع ثمنها قيادات تلك الحركتين، ولا كوادرهما الأساسية، بل غالبية من الأسر التي تعرضت للتشريد والتهجير من بيتوها ومنازلها خلال الحروب المتلاحقة على قطاع غزة، أطفال ونساء وشيوخ وكهلة، دفعوا ثمنا مضاعفا في شتاء العام الجارف، لأن طرفي الانقسام فتح وحماس لا زالا مختلفان..
قبل أيام قال توني بلير كلاما شبيها، وحاول البعض أن يعتبر أقواله لتبرئة دولة الكيان العدواني، وربما في جانب من 'مقصده' كان ذلك، لكنه قال ايضا بعض 'الحقيقة'، الا أن نبيل العربي، والذي يحتفظ بعلاقات ايجابية وخاصة مع طرفي الأزمة الوطنية، لم يترك مجالا للشك في أن جوهر تعطيل اعادة الإعمار تقع مسؤوليتها على حركتي 'فتح' و'حماس'، كلاهما باسمه الرسمي..
هل هناك من ضرورة لانتظار أن يأتي من خارج الصف الذاتي ليرسل تلك الاشارة التحذرية جدا، حول ما يقف عقبة في طريق حركة النهوض السياسي الوطني في فلسطين، وأن قيادة الحركتين باتا يمثلان عائقا جديا للخلاص مما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وأن المشروع الوطني لم يعد أولوية على جدول أعمالهما السياسي، بل كيفية العمل بكل السبل على إدامة سيطرتهما وسلطتهما، على الواقع القائم، باستغلال الواقع في الضفة المحتلة، تحت مسميات عدة، أدى فعليا لخطفها كما قطاع غزة خطف منذ زمن، وبات تحت سيطرة حركة لا حساب لها الا ما يخدم هدفها فقط..
وبدون استعراض لكيفية استغلال الواقع لفرض سيطرة كل منهما على مقاليد السلطة والتسلط في جناحي 'بقايا الوطن'، فما اقدمت عليه مؤخرا حكومة فتح والرئيس عباس على توقيع 'اتفاقية العار - الغاز' مع دولة الكيان لمدة 20 عاما، يكشف حقيقة موقفها من ان الاستقلال الوطني والخلاص من الاحتلال ليس ضمن أولويتها، وفقا لزمن ومدة وطبيعة هذه الاتفاقية، والتي لم تهتز لها أبدان قيادة فتح ولا رئيسها ولا إطرها مطلقا، في حين انشغلت كلها بمحاولة اغتيال لأحد كوادرها من رأس الهرم الفتحاوي الرئيس محمود عباس الى آخر عضو فيها، مع فتح باب اعلامها واعلام السلطة المصادر لها، لتغطية كل ما له صلة بتلك الجريمة المدانة..لكن الجريمة الوطنية الأخطر لم تكن ضمن حساب الفصيل المسيطر على السلطة في الضفة، طبعا بعد سلطة الاحتلال..
فيما تنشغل حماس عن قطاع غزة وأزماته، بالسير في مسار يطيل أمد الحصار بمعاداة مصر ونظامها وثورتها، والإختباء وراء عبارات ولغة لم تعد تطعم أهل القطاع الا مزيدا من المصائب..حماس في القطاع لا تقيم وزنا الا كيف لها أن تواصل الارتباط بدول وقوى لن يأت منها الخير لشعب فلسطين، بل أن حماس وقيادتها تلاحق كل منتقد سياسي من الفصائل ولم تعد تطيق حتى كلمة 'عتاب'، كونها مشغولة في ترتيبات غير التي تلك التي تشغل بال القوى الوطنية الفلسطينية، حتى أنها لم تقف أمام اتفاقية العار الأخيرة، فيما اشنغل اعلامهم المحلي والاقليمي بالرد على هذا وذاك..
وبلا أدنى مواربة فما أطال حالة الاستخفاف وادارة الظهر للقضايا الوطنية، من طرفي الأزمة الوطنية، هو تلك الحالة المستكينة التي تتلبس غالبية القوى، وتبخل أن تظهر اختلافها مع طرفي الأزمة، على حساب الشعب وقضاياه الكبرى، ولو أن القوى تلك عملت ما يجب عمله من هبة سياسة شاملة، ومواقف قاطعة في تحديد المسؤولية، وتراص ووحدة موقف بعيدا عن 'مكتسب' فرعي يتم قذفه في طريق بعض الفصائل، فإن الطرفين سيدركان أن المسألة الوطنية ليست 'لعبة لوقت الفراغ' ..
نعم..يجب أن تكون كلمات نبيل العربي حول العقبة التي تقف في طريق اعادة اعمار القضية الوطنية، وليست قطاع غزة فحسب، بداية جرس إنذار لكل قوى الشعب الوطنية، وأن تبادر الى عقد لقاء طارئ لبحث سبل المواجهة وتصويب المسار..حركة تصحيح وطنية تعيد مشعل القضية التي تواجه خطر الضياع في دهاليز التقاسم والتقسيم..
لا وقت ليتم اضاعته بعد..فهل تبادر فصائل وشخصيات للمبادرة وتبدأ الحراك'..إنها اللحظة التي ينتظرها شعب فلسطين ومن يؤمن بقضيته العادلة كي لا يذهب ريحها بفعل فاعل بات معلوما!
ملاحظة: لماذا بدأت مشاهد 'الفلتان' تعود في الضفة والقطاع..أهو فعل يرمي لحرف المسألة من القضية الجوهرية نحو 'قضايا فرعية' يتم اعتبارها الأساس..هل هي لعبة متفق عليه بـ'المصادفة' بين طرفي الكارثة..مجرد سؤال تحذيري!
تنويه خاص: في مثل هذا اليوم عام 1958 اعنلت الوحدة بين مصر وسوريا في اطار 'الجمهورية العربية المتحدة'..تلك الشوكة التي عملت أميركا وأدواتها في دولة الكيان والرجعية العربية كل سبلها لكسرها..روح الوحدة تطل مجددا..وحدة ما يغلبها غلاب.ياه زمااااااان!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق