الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

لماذا أنت محاط بالأغبياء؟!

شعورك أنك على صواب، لا يعني بالضرورة أنك على صواب فعلًا.. فنظرتك للكون وللناس ولمحيطك الخارجي تصنعها خبراتك وتجاربك الشخصية

محمد بتاع البلادي
 
لماذا أنت محاط بالأغبياء؟!
* هل تذكرون قصة (الخنفشار) الذي يدعي معرفة كل شيء!.. لي صديق سوبر (خنفشاري) بمعنى أنه لا يدعي فهم كل شيء فحسب، بل إنه يعتقد جازمًا أن كل من حوله أغبياء (برخصة واستمارة).. وأنه قادر بذكائه المتفرد ومواهبه (السوبرمانية) على القيام بأي عمل في الدنيا.. لدرجة أنه لو علم بالمشكلات الفنية التي يمر بها برشلونة هذه الأيام، لادّعى انه الوحيد القادر على انتشال (ميسّي) ورفاقه من دوامة الهزائم التي يعيشونها!.
* يقول عالم الاجتماع العراقي علي الوردي: «إن الإنسان كلما ازداد غباء وبلادة، ازداد يقينا بأنه أفضل من غيره في كل شيء!!. ومشكلة البعض أنهم يعيشون داخل ذواتهم.. لا يسمعون إلا صوت الأنا المتضخم في دواخلهم.. لذلك يعتقدون أنهم وحدهم من يمتلكون العقل والمعرفة والحقيقة!.. شعورك أنك علي صواب، لا يعني بالضرورة أنك على صواب فعلا.. فنظرتك للكون وللناس ولمحيطك الخارجي تصنعتها خبراتك وتجاربك الشخصية.. ومشكلة هؤلاء أنهم يفترضون أن الآخرين يرون العالم كما يرونه هم.. ومن نفس الزاوية!!..
ومن هنا تحدث الخلافات والصراعات الفكرية، فيعتقدون أن كل من حولهم أغبياء، لأنهم لا يرون ما يرونه هم!!
* يذهب الدكتور ورسام الكاريكاتير شريف عرفة إلى أن لكل منا مفاهيمه ومعانيه ورؤاه الخاصة التي تكونت طبقًا لتجاربه وخبراته الشخصية.. فلو جئنا بعشرة أشخاص، وسألت كلا منهم عن معنى النجاح مثلًا ستجد أن لكل منهم معنى مختلفا تمامًا عما يقصده الآخر.. فهناك من يعتبر النجاح هو الثروة.. وهناك من يؤمن بأنه السلطة.. بينما يؤمن آخر أن النجاح هو أن تجتاز اختبار نهاية العام بنجاح!.
* انطلاقا من نفس الفكرة أقول: لكل إنسان ذكاؤه الخاص ومجاله الذي يبدع فيه.. الذي تكون طبقا لموهبته وتجاربه وخبراته الشخصية، فهناك من هو بارع في الخطابة والحديث، وهناك من يبرع في الهندسة، وهناك من يتميز في كرة القدم.. كل ميسر لما خلق له.. ولو قيمنا سمكة على أدائها في تسلق الأشجار لبقيت طوال عمرها تعتقد أنها غبية وفاشلة.. هكذا قال اينشتاين!
* تأكد يا صديقي أنك لست محاطًا بالأغبياء كما تعتقد.. بل محاطٌ بأناس يختلفون عنك في المفاهيم والموهبة وزاوية الرؤيا.. وعدم تطابقكما ليس دليل غبائهم.. بل ان بعض من قد تراه غبيا قد يكون أكثر ذكاء منك.. الأمر كله یذكرني بالقصة الشهيرة للطفل الذي كان أحد الحلاقين يتندر عليه يوميًا أمام زبائنه ويتهمه بالغباء حين یعرض عليه أن یختار بین خمسة ريالات ونصف ريال.. كان الطفل یختار النصف في كل مرة.. إلى أن لامه أحدھم ذات يوم: «ألا تعلم یا أحمق أن نصف الريال أقل من الخمسة؟!»..
وكم كانت إجابة الطفل مدهشة حين قال: «أعلم ذلك..
لكنني أعلم أيضًا أنه في اليوم الذي سأختار فيه الريالات الخمسة سيكف هذا الغبي عن التفاخر بذكائه الزائف.. وحينها يا سيدي سأفقد كل شيء.. وستنتهي اللعبة!
* انتهى المقال.  
      

   المتهمون الـ 18 يواجهون تهم التخابر لصالح دولة أجنبية

أجهزة إلكترونية وحاسوبية تحتوي معلومات مهمة مع أفراد شبكة التجسس


أبلغت «عكاظ» مصادر مطلعة أن أفراد خلية التجسس التي نجحت سلطات الأمن في كشفها أمس الأول عثر معها على أجهزة إلكترونية وحاسوبية، إضافة إلى معلومات تؤكد تورطهم في التخابر مع دولة أجنبية من خلال تزويدها بمعلومات عن مواقع ومنشآت حيوية والتواصل بشأنها مع بعض الجهات الاستخباراتية في تلك الدولة التي يعملون لصالحها.
وبحسب معلومات «عكاظ» فإن اللبناني والإيراني والخونة الـ16 من المواطنين كانوا يعملون على تبادل المعلومات فيما بينهم، وتمرير التوجيهات بهدف جمع معلومات مهمة وحساسة وتقديمها لمصلحة إحدى الدول.
وذكرت المصادر أن عملية القبض نفذت بعد أن توفرت للأجهزة الأمنية والاستخباراتية معلومات دقيقة عن تورط هذه المجموعة، حيث نفذت سلطات الأمن عملية نوعية للقبض على أفراد الشبكة في وقت قياسي، ولم تشر المصادر عما إذا كانت لهذه الخلية علاقة بخلايا الكويت واليمن والبحرين التي أعلن عنها من قبل هذه الدول في وقت سابق.
من جهتهم قال لـ«عكاظ» خبراء استراتيجيون أن توزع أفراد الشبكة على أربع مناطق كان بهدف العمل في مواقع حساسة ومهمة، فإلى جانب المنطقة الشرقية، حيث قلعة الاقتصاد والنفط، تواجد أفراد الشبكة في الرياض عاصمة القرار السياسي والاقتصادي، وكذلك في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما المدينتان المقدستان اللتان يفد لهما أعداد كبيرة من المعتمرين والزوار، وهو الأمر الذي يعطي إشارة في أن هؤلاء ربما كانوا يتلقون تعليمات وتوجيهات عن طريق أشخاص قدموا بتأشيرات عمرة أو حج.
ويرى المراقبون أيضا أن إيران وهي تخسر كثيرا من مواقع نفوذها في سوريا وغيرها من المواقع أصبحت تعمل من خلال أجهزة الحرس الثوري الايراني المخابراتية فى المنطقة لزعزعة استقرار الدول التي تقف في سبيل تنفيذ مخططها بالمنطقة، مؤكدين على أن الخطر الإيراني سيكون أشد ضراوة فى المرحلة القادمة لشعور إيران أنها تخسر أقرب حلفائها وهو بشار الأسد.
  

 

من السماء هبطت زنجية شقراء..!

أحمد عبد الرحمن العرفج
 
هُناك أُنَاس "يَتشدّقون ويَتكلّفون" في صنَاعة الكَلام، حَيثُ يَخترعون مِن الجُمَل مَا تَشعر أنَّه يَأخذ سَبيل التَّصنُّع.. ولا بَأس عَلى المَرء أن يُحسّن أسلوبه، ويَنتقي كَلِمَاته، ولَكن التَّكلُّف الزَّائِد يُؤدِّي إلى القُبح الزَّائِد، وقَديمًا قَالوا: "الزَّائِد أخو النَّاقِص"..!.
فأنتَ تَجد مَثلًا في "تويتر" أحدهم يَقول: تُصبحون وأنتُم أجمَل، وفَرَاشات الزَّمن تَتوكَّأ عَلى رَصيف الأحلَام، لتَبدو وَسائدكم حَريرًا، يَستولد الأمَاني الجَائعات عَلى طَاولة المُنَى..!.
وتَجد آخَر يَقول: حِين أمسك بقَلم الرّوح؛ تَطيرُ عَصافير السَّتائر، لتُعانِق نَافذة الأحلَام المُتسرِّبة مِن أسلَاك الشَّوق، لتَقضم تُفَّاحة اللِّقَاء القُرمزي..!.
وثَالث يَقول: أكتُب لَكُم بحِبر الودَاد المُندَلق مِن صَفحة التَّفاؤُل، الذي لَم تُشوّهه شُرطة اليَأس، ومَخافر البُؤس، ذَلك الودَاد الذي عَجَزَتْ عَن اصطيَاده فِئرَان الوَاقِع؛ المُنتَشرة في أطرَاف المَدينة وفي جَوفها..!.
ورَابع يَقول: هَا أنَا آتيكم مَع المَسَاء، مَغموسًا بخُبز الأمَل، وفُول العَافية، أُناديكم عَلى طَاولة الحُب، وصَحن المَودَّة أمَامي، ألعَقه بأصَابع التَّسامُح..!.
وخَامس يَقول: أُقابلكم وطيور الحُب تُغرِّد في "تويتر روحي"، تِلك الطّيور التي تُحلِّق إلى فضَاءَات "الفيس بوك"، وفَرَاشات "جُوجل" لتَقول لَكُم: أنَا مَكنسة الخَطَايَا ومَمسحة الخُطَى..!.
وسَادس يَقول: حِين بَدَأ هَديل الرّوح رَقَصَتْ أحذية السَّعادة، واختَمَرَت بوَرد السّرور، فجَاء الكَأس يَرقص كأنَّه أرنَب بَرِّي، يُريد أن يَركب في سيّارة لكزس..!.
حَسنًا.. ماذا بقي؟!
بَقي القَول: أعلَم أنَّ مَقالي هَذا غَامض للكَثيرين، كَأنَّه "زنجيّة شقرَاء"، ولَكن مَا المَانع في أن يَكتب الإنسَان مَا يَشاء، ويُسَافر في الفَضَاء؟!.. فالأرضُ لَنا، والقُدسُ لَنا، ومِن قَبلهما القَمَر والسَّماء..!!!.


 

«قاموس المفردات» يعيدنا إلى أصل الكلمة وتناقلها بين الأجيال

أجدادنا تأثروا بالكلمات الفارسية والتركية.. وجيل اليوم «غربية»!

 



كثير من مسميات الحرف القديمة تعود أصولها إلى التركية أو الفارسية أو الهندية
إعداد: منصور العسّاف
    
مفردات تركية: «شماغ»، «بصمة»، «بلطجي»، «قيمر»، «شاورما»، «عزبة»، «فلكة»، «كندرة»، «وجار»، «زكرت»، «طابور»
لا عجب إن وقف الباحث في أسرار اللغة على معين لا ينضب من المفردات والمصطلحات العربية التي تكتنز بها اللغات الأخرى كالفارسية والتركية والإنجليزية، لا سيما وإن معظم هذه المفردات كانت قد انتشرت واستخدمت حين كان الفاتحون العرب يستظلون بظلال رسالة الإسلام الوارفة، والتي انتشر معها الاسم والحرف العربي في كافة أصقاع الدنيا؛ ولأن هذه الحضارات جميعاً انصهرت واندمجت جميعاً في حضارة الإسلام الخالدة، التي من خلالها استقبلت اللغة العربية كمّاً وافراً من المفردات الفارسية والتركية وحتى الهندية، التي ظل معظمها مستخدماً في زمننا الحالي، ونقله الأجداد للأحفاد مع بعض التحريف أو التعريب.
ومن المفارقة في زمننا هذا أن اللغة العربية التي استقبلت قبل ألف عام كمّاً وافراً من اللغات الشرقية أصبحت الآن مع تغير الزمن تستقبل معظم المفردات الأجنبية من الغرب الأدنى والأقصى، مع الأخذ بالاعتبار أن اللغة العربية لغة ولاّدة وجامعة، ولكونها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ فقد كان لها ما لم يكن لغيرها من الانتشار والعالمية.
أزياء وملابس
في عالم الأزياء واللباس لا تتعجب إن سمعت بمفردات عرفها اللسان العربي ودرجت بين ألسنتها، بل إننا نتداولها من باب الأناقة وحُسن الهندام؛ ولأن الشيء بالشيء يذكر فلا تعجب إن قيل لك إن مصطلح "هندام" إنما هو مصطلح فارسي يعني الهيئة أو المظهر وأصلها "أندام"، كما أن كلمة "قيطان" التي تعني في لهجتها الدارجة التطريز وحياكة الثوب بالخيوط البارزة ما هي إلاّ مفردة فارسية تأتي بلفظ "كيتان" وتعني الخيط السميك المغزول من القطن، وقد ظهرت "موضة" القيطان في الستينيات الميلادية وعادت مع بداية الألفية، أما في الحجاز فهي حاضرة في أزياء كثير من الشباب، بل إنها جزء من ثقافة اللباس الحجازي، أما البشت الذي يتزيا به معظم أبناء الجزيرة وبعض الدول العربية فهو يعود بمسماه إلى اللغة الفارسية، وهو اصطلاحاً عُرف بالعباءة الواسعة المنسوجة من الخيوط الغليظة رغم أنه في اللغة يعني الظهر أو الخلف وكذلك كلمة "فستان" فهي "أرنأوطية" أي ألبانية لأن "الأرناوط" هم الألبان ومعناها الملحفة الواسعة كثيرة الطيّات تلف على الخصر، ودخلت إلى العربية عن طريق الأتراك حين هاجروا إلى آسيا الصغرى وأقاموا دولة السلاجقة ثم الدولة العثمانية، وقد أطلق اللفظ على عموم أثواب النساء، أما "الصندل" فهو مصطلح هندي يطلق على نوع من الخشب ولذا أطلقته العامة في زمننا هذا على الحذاء الخشبي، أما ال "سروال" فهو مصطلح فارسي مُحرّف عن "شروال"، وكذلك ال "شملة" فهي مفردة تركية درجت في اللسان العربي وكذلك ال "شال" فارسية الأصل وتعني القماش الحريري الملون يلف حول الخصر أو يوضع فوق الكتف، واشتهرت به بلاد الشرق كالهند وكشمير وإيران، أما "الشاش" فهو مصطلح هندي يعبر عن الشريط الرفيع على طرفيه حرير أبيض، ويستخدم في زمننا هذا كإحدى أدوات طب الطوارئ، أما الشماغ وهو اللباس العربي المشهور فيعود في مسماه إلى مفردة "يشمك" التركية.
وعليك إن دخلت ال "بازار" وهو السوق أو مجموعة الدكاكين بلغة فارس، أن تجيد اختيار أقمشة "الديباج" وهو الحرير المنسوج المعرب من "ديبا" الفارسية وإن أضيفت لها "جه" وهي أداة التصغير بلغة فارس "جه" أصبحت ديباجة أي مقدمة الكتاب، على أن كلمة "بصطار" وقعت على اختلاف المفسرين وأهل اللغة بين كونها مفردة تركية أو فارسية، إلاّ أنها في معناها تدل على الحذاء ذي الساق الطويلة.

المشراق في نجد أحد مصادر نقل الأخبار بمفردات بلاد الشرق
الوراقة والمكاتبات
وقد يُعبر عن المبلغ الزهيد بقولهم "بلاش" وهي مفردة أيضاً واردة من الشرق حيث مفردة "بالش" التي تعني عند أهالي "منغوليا" عملة نقدية انتشرت أيام "جنكيزخان"، أما "بخشيش" فتعني الهبة والعطاء بالفارسية، وكذلك كلمة "بخور" التي تعني طيب العود، و"بولاد" المعربة إلى فولاذ وتعني الحديد الصلب، و"بوستان" التي ينطقها العرب "بستان" وهي معربة من الفارسية حيث تعني كلمة "بو" الرائحة، و"ستان" تدل على المكان، وكذلك كلمة "بندق" التي تعني بالفارسية ثمرة البندق، واصطلاحاً تدل على كريات صغيرة من الطين المشوي توضع وسط وتر قوس لرميها إلى مكان بعيد، ثم أطلقت على كريات الرصاص التي تطلقها البنادق، أما مصطلح "برداية" التي يطلقها بعض كبار السن لدينا على الستارة، فهي عائدة إلى أصلها الفارسي حيث "برده" بمعنى ستارة و"بردة دار" بمعنى المُمسك بالستارة وهو الحاجب، كما أن مصطلح "البقشة" عائد إلى أصله في اللغة التركية "بقجة"، ويقصد بها "الصرة" أو قطعة من القماش التي تحفظ بها الثياب والأموال، وكذلك مفردة "بصمة" ذات الأصل التركي التي تعني الضغط والطبع، أما "رزنامه" ففارسية من "روز" بمعنى اليوم، كما أنها نوع من الورد، و"نامه" بمعنى السجل، في حين وردت كلمة "البطاقة" من اليونان ويقصد بها الورقة الصغيرة، وكان الباعة في العصر العباسي يضعونها على معروضاتهم من ملابس وأقمشة ونحوها، ويكتبون في كل بطاقة سعر القطعة المعروضة، كما كان الأمراء في العصر المملوكي يستخدمونها في المراسلات الصغيرة عبر الحمام الزاجل، و"دفتر" وتعني باللغة الألمانية السجل، أما "الدبوس" ففارسية وتعني الإبرة الصغيرة، أما مفردة "برنامج" فهي معربة من "برنامه" بالفارسية وتعني الجدول والمخطط لمشروعات الأعمال لاسيما إذا احتوت هذه البرامج على عدة بنود، والبنود مجموع "بند" وهو مصطلح فارسي أيضاً يعني الربط أو القيد واصطلاحاً يدل على العلم والفقرة، أما كلمة "فهرس" فهي تدل على قائمة المواضيع في آخر الكتاب، أما مفردتا "بوجي" و"كبوت" فهما تركيتان الأولى تعني آلة من آلات الحدادة، كما يقال إنها بربرية الأصل، في حين كانت الثانية مفردة عثمانية يُقصد بها المعطف ويرتديها الجنود العثمانيون في الأيام المطيرة لتغطيهم عن المطر، وربما أطلقت العامة على غطاء مقدمة السيارة مصطلح "كبوت" من قبيل هذا التعبير، وكذلك مفردة "شمبر" التي تعني بالتركية الإطار وهو ما يستخدمها العامة لدينا في عجلات السيارة وجمعها "شنابر"، أما "الطبنجة" فهو مصطلح هزلي تردده العامة في زمننا هذا على الشخص الضعيف وأصله فارسي مأخوذ من مسمى إحدى الأسلحة العتيقة، كما هي مفردة "تنبل" التي تعني بالفارسية الكسول، و"شلة" تعني جماعة ويقصد بها من عددهم فوق الأربعين، على أن كلمة "بهلوان" تعني البطل الشجاع، أما الرجل "البلطجي" فهو حامل الفأس مأخوذة من "بالطة" وتعني باللغة التركية الفأس و"جي" علامة النسب في اللغة التركية، وقد أطلقت هذه اللفظة على حراس القصر السلطاني في الدولة العثمانية، وقد عرف اصطلاحاً بما في الشارع المصري بما يوازي معنى الزعران، والزعر لفظة عربية منتشرة في بلاد الشام، كما يسميهم أهل العراق سابقاً بالشطار، وهم صنف من الجند مهمتهم السير في مواكب أركان الدولة في العهد العثماني، أما في العصر العباسي فقد أُطلق على فئة الخارجين عن النظام وخريجو السجون كما يطلق عليهم "العيّارون" و"السرسرية"، وقد أسهب المؤرخون في شرح أفعال هذه الفئة إبان الحرب التي ثارت بين الخليفة الأمين وأخيه المأمون في نهاية القرن الهجري الثاني.

معلبات وأطعمة تباع في بقالة الحارة قبل نحو 60 عاماً بأسماء فارسية وتركية
الموائد والطعام
في بعض بلدان الخليج يطلق على الخبز "صمون" وهو مصطلح منقول من التركية، كما يطلق على القشطة "قيمر" وهي مأخوذة من "قيمق" التركية والتي تعني القشطة المأخوذ من حليب الغنم، أما الأكلات العراقية ك "اللوزينج" و"الفالوذج" فهي مفردات معربة من الفارسية، وكانت مثل هذه الأكلات مشهورة في العصر العباسي وتباع بالأسواق ويصفها الشعراء وأصحاب المقامات ولا تحضّر على مائدة إلا نادراً، ولا تشاهد إلا في موائد السلاطين لندرتها وغلاء ثمنها، وهي نوع من أنواع الحلويات كالهريسة والكنافة والقطائف، أما "الشاورما" فأصلها تركية من "جاورمة" وتعني اللحم المشوي على السيخ والمقطع على شكل قصاصات ويطلق عليها العراقيون "مقصقص"، كما يطلق عليها في بعض البلدان العربية مقصصة، أما "السنبوسك" أو ما نسميها "السمبوسة" فتعني الزاوية والكاف أداة التصغير باللغة الفارسية، وفي الاصطلاح تطلق على الفطائر المثلثة المحشوة باللحم والبصل، وقد وصف "ابن الرومي" والشاعر "كشاجم" كيفية إعدادها وقليها بقصائد ذكرها المسعودي في كتابة مروج الذهب، أما "السجق فهو عند الأتراك مأخوذ من "سو جوق" ويقصدون به اللحم المجفف المحفوظ في أمعاء الحيوانات، أما "الكباب" فهو مصطلح فارسي يعني الشواء، وكذلك "البقسماط" الذي يعني الخبز اليابس والمجفف وهو مصطلح فارسي وتركي، حمل منه "إبراهيم باشا" أطنانا هائلة حين حملته على الجزيرة العربية.
المال والأعمال
وفي عالم المال والاقتصاد، تأتي مصطلحات العملات ك "الريال" وهو مصطلح إسباني لوحدة نقدية، و"الدرهم" وهو يوناني من "دراخما" استعاره الإيرانيون بلفظ "درم" واستعاره العرب من الإيرانيين وأطلقوا عليه لفظ "درهم" للدلالة على المسكوكات الفضية، على عكس "الدينار" الذهبي وهو يوناني أيضاً وقد طوره العرب أبان حضارتهم وقيل لأحد الزهّاد لماذا تخاف الدينار؟ فأجاب "لأنه يجمع الدين والنار وأخشى منه الفتنة"، أما "الفلس" فهو يوناني يطلق على العملة الزهيدة، وتعد "الأوقية" و"القيراط" وحدتي وزن يونانيتين، أما "الروبية" فهي عملة هندية مأخوذة من عملة عربية كانت تسمى ربعية مسكوكة من الذهب وانتشرت بالعهد العثماني، أما مصطلح "عربون" فيوناني الأصل من "أربون" وتعني المبلغ المقدم قبل إكمال عملية البيع، أما "خردة" فمفردة فارسية تعني الشيء الصغير الذي يفتقد للأهمية، وأخذها الأتراك من الفرس واستخدموها كناية عن الأدوات المعدنية القديمة.
كما أن ثمة كلمات درجت على ألسنتنا واعتقدنا أنها من الألفاظ العامية كقولنا للطفل "بزر" وهذا المصطلح وإن كان عربياً قحاً إلاّ أنه يعود بمعناه إلى بيوض دود القز، وقد أخذ كناية لوصف الأطفال الصغار، كما أن لفظ "عزبة" عائدٌ إلى مفردة "إيربه" التركية والتي تعني المزرعة الخاصة، كما أن كلمة "خواجة" فارسية وتعني العالم أو السيد ويقصد بها في الغالب أكابر القوم، أما ال "خيش" ففارسي يقصد به القماش المصنوع من الكتان، وفي عصرنا الحالي يطلق على خيوط القنب المعد لصناعة الأكياس، أما ال "خربوش" فمعرب من "خربشته" بالفارسي وتعني الخيمة، في حين تعني كلمة "زكرت" باللفظ التركي الفقير وأطلقت أيضاً على الشهم الذي يأبى الضيم، أما "القشلة" فهي مفردة متداولة في المنطقة الغربية لدينا وأصلها تركي وتعني المشتى أو المعسكر الشتوي، في حين تعتبر "الفلكة" عند طلاب المدارس أنها ضرب الأرجل بالخيزران بعد رفعها بالحبل والعصا رغم أنها مفردة تركية بلفظ "فلقه" إلاّ أنها تعنى ذات المعنى الذي انتشر بين طلاب المدارس، كما أن مصطلح "كندرة" الذي احتار بأصله الباحثون عائدٌ إلى لفظ "قندرة" باللغة التركية أي الحذاء.
«البزر» يعني «بيض دودة القز» وليس طفلاً..
العقار والمقاولات
وفي عالم العقار والمقاولات، ستجد أن كلمة "صك" ذات الأصل الفارسي التي تدل على السند أو الوثيقة والإيصال المالي المصرفي وهي مأخوذة من المصطلح الفارسي "جك" وقد استعارها الأوروبيون من الفرس بنفس اللفظ، أما مفردتا "الطابوق" و"الطوب" فكلتاهما فارسية، وتعني الأولى الآجر والقرميد وهو الطين المشوي ويسمى عند العرب الجمالون، أما كلمة طوب فتعني الكرة من كلمة "توب" التركية ويعبر بها عن قذيفة المدفع التي ربما استخدمت في تحديد العقار، أما "الطابور" فهو عند الترك السند الذي يفيد بحق التصرف بالأراضي، وكذلك سند الملكية وأطلق فيما بعد على دائرة تسجيل العقارات، كما تطلق على صف العربات التي تتشكل على هيئة مربع ويربط بعضها ببعض بالسلاسل، أما "البدروم" فمصطلح يوناني يقصد به الغرفة تحت الأرض، أما "الروشن" فتعني بالفارسية الشيء المضيء وعُرفت في العهدين المملوكي والعثماني بالشُرفة، وكذلك "روزنة" الفارسية وتعني النافذة أو "الكوّة" وكذا يسميها كبار السن في بلادنا، أما مصطلح "كهرباء" فهي فارسية الأصل من "كاه ربا" وتعني جاذب الشيء، واطلقت على المادة الصمغية الجافة التي تصنع منها السبحات والعقود، وذلك عبر عنها بعقود الكهرباء والإضاءة التي تشبه السبحة، على أن مسماها في العربية البرق وقد استعارها الفرس من العرب، أما كلمة "سرداب" الفارسية التي تعني "سرد" أي البارد و"آب" بمعنى الماء وتعني القبو تحت الأرض، أما "الكرنتينة" فمصطلح إيطالي يعني المجموعة أو الأربعون القادمون من الخارج، ويشتبه في مرضهم ويُحجرون في المحاجر الصحية أربعين يوماً حتى تثبت سلامتهم من الأمراض، وقد أنشأت الدولة في بداية عهد المديريات الصحية في الحجاز عدد من "الكارنينات" لا سيما في مكة المكرمة وجدة، أما "القيشاني" ففارسي يعود إلى نوع من الخزف الملون المنسوب لمدينة قاشان الإيرانية، أما مصطلح "الوجار" العربي فهو عائد إلى كلمة "أوجاق" التركية التي تعني الموقد والكانون.
«بهلوان» البطل الشجاع، «البلطجي» حامل الفأس، «الزعران» في الشام، «الشطار» في العراق، «العيّارون» و«السرسرية» خارجون عن القانون
وفي عالم السياسة والأعمال الدبلوماسية، تأتي مفردة "قنصل" من اللغة الإيطالية، وتعني في العصر العثماني ممثلة الدولة، وكذلك كلمة "قانون" اليونانية التي تعني التشريع، كما هي مفردة "دستور" الفارسية التي تدل على عدة معان منها القانون والقاعدة كما تطلق على الإذن والإيجاز، وغير ذلك من المصطلحات التي تداولها الآباء والأجداد وأخذ اللسان العربي على تعريب بعضها واستخدام البعض الآخر كما هو من دون تعريب أو تعريف؛ ولأن المقام يقصر عن حصرها وجمعها في تقرير عارض فإن العودة لمعاجم اللغة العربية وقواميس المفردات العربية والأجنبية كفيل بحصر ما يمكن حصره من هذه المصطلحات التي ليس من الغرابة أن تجد أن معظم أسماء ومسميات الأسر والعوائل العربية في بعض البلدان المجاورة عائدة في مسمياتها إلى مثل هذه المناصب والوظائف الإدارية والعسكرية في العصر العثماني والمملوكي والأمثلة على هذا كثيرة.

مدرسة في الخبر قبل 55 عاماً حيث تأثر الجيل الماضي بقاموس بلاد المشرق
صمود اللغة العربية
في زمننا هذا اختلف الحال وتبدلت الظروف، فبعد أن كان سيل المصطلحات الأجنبية قادماً -قبل ألف عام- من جهة الشرق حيث الفرس والترك وبلاد السند والقوقاز التي انصهرت في إرثها اللغوي مع لغتنا العربية في بوتقة واحدة إبان الحضارة الإسلامية، نجد اليوم أن سيل المفردات والمصطلحات اللغوية تفد في معظمها من جهة الغرب حيث اللغة الإنجليزية والفرنسية، لا سيما أنهما واكبتا حقبة الاستعمار وكذلك الثورة الاتصالية والتقنية الحديثة التي سهلت من رواج المصطلح الغربي، ناهيك عن أفواج البعثات والملحقيات الثقافية، ولذا لا عجب أن استبدل أبناء هذا الزمان مفرداتهم العربية الأصيلة، بمفردات إنجليزية تدل على ذات المعنى؛ ولأن هذه الأسباب لا تمثل بأي حال من الأحوال مسوغاً لهجر المفردة العربية، إلاّ أن المسؤولية في معظمها تعتمد على مجاميع اللغة، وكذلك وسائل الإعلام التي ربما ساهمت -لو أرادت- في تعريب أو على الأقل نقل جهود مجمعات اللغة عبر نشرها للجماهير، وتعريف العامة بها من خلال استخدامها مترجمة أو معربة.
ولعل الكثير منا شاهد بأم عينيه كيف ساهمت الشبكة العنكبوتية في بداياتها في رواج مصطلح "العربيزي" الذي اضطر معه بعض مبتعثون عرب إلى كتابة رسائلهم لأهاليهم وذويهم باللغة العربية، لكن بالحروف الإنجليزية لعدم تعريب لوحات المفاتيح آنذاك لا سيما الجوالات، وعليه استساغ البعض هذه الطريقة حتى بعد تعريب كافة أدوات وبرامج الحاسوب، وقيل إن البعض يرى أن في ذلك شيئا من علو الثقافة، لا سيما وأن هذا شعور رغم غرابته إلاّ أنه كان رائجاً منذ العهد الأيوبي والمملوكي، وكانت مثل هذه البرامج تجد قبولاً من الشركات القائمة على إدارة محركات البحث، خاصة حين تظهر المصطلحات العربية مكتوبة بالحروف الإنجليزية مع بعض الأرقام الإنجليزية التي تقارب رسم بعض الحروف العربية مثل (7) وترمز لحرف الحاء العربي و(3) وترمز لحرف العين العربي وهكذا.



   الوثيقة الملعونة (السيداو)!

 اعرفوها! هي أساس الشر؛ وثيقة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فكلُّ ما يجري في بلادنا في شأن المرأة من قرارات وإجراءات، مما يخالف أحكام الشريعة، كلُّه وفاءٌ لتلك الوثيقة التي هي فرع من فروع الشرعية الدولية الطاغوتية، التي شرَّعتها الدول المتحكمة من يهودية ونصرانية ووثنية وملحدة، وإلا فما هذا الاندفاع في إقحام المرأة في كل شأن وميدان، حتى في المباريات الرياضية العالمية، والتمهيد لمشاركتهن في المباريات المحلية، باعتماد الرياضة في الأنشطة المدرسية، وتفعيل الاختلاط في العمل والتعليم، وفتح كل باب، ووضع الخطط المستقبلية لذلك، ودعمها بالقرارات وبالفتاوى التي لا يعرف أهلها؟! ومن آخر ذلك تعيين ثلاثين امرأة عضوات في مجلس الشورى، وهذا أعلى نسبة لمشاركة المرأة في المجالس والبرلمانات في العالم، والفرح بذلك والاحتفاء به في جمع مشهود من الرجال والنساء، وحضور أعلى مستوى في الدولة بمناسبة أداء أعضاء الشورى للقسم، وقد اضمحلت الضوابط في أول جلسة لمجلس الشورى.  
   وقد كان لهذا الحدث أعظم صدى في الدول الغربية، والبلاد العربية المغرَّبة، فرحاً وإشادة، ومن الاحتفاء بهذا الحدث تكريم عضوات الشورى في جامعة نورة بحضور زوجة السفير الأمريكي، التي أبدت اغتباطها بما شاهدت، ومن المقولات الصحيحة: ما سر عدوَّك منك إلا ما يسوؤك.
     وتعبيراً عن الرضا والإعجاب بتعيين ثلاثين من العضوات في مجلس الشورى قام ولي عهد بريطانيا وزوجته بزيارة المملكة والاجتماع بأعضاء المجلس وعضواته. 
     ومن آخر ما حدث في هذا الشأن في بلادنا: العزم على مشروع تعليم طلاب الصفوف الأولى وطالباته في مدارس واحدة في المدارس الحكومية، ليتولى تعليمهم جميعاً نساءٌ، وهو ما تضمنته المكاتبة بين نائبة وزير التربية ونائبه السبتي، ومستشارة النائبة، وهو مطلب قديم للمستغربين دعوا إليه في الصحف، وأراد بعض المسؤولين في رئاسة تعليم البنات ـ قديماً ـ تنفيذ هذا المطلب، فأنكر ذلك العلماء يوم كانت لهم كلمة في الجملة، قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله في مقال له يرد به على بعض الكتاب: (اختلاط البنين والبنات في المراحل الابتدائية منكرٌ لا يجوز فعله؛ لما يترتب عليه من أنواع الشرور). مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (4/245).
      وغاية الوثيقة الملعونة (السيداو) وحاصلها وخلاصتها: الدعوة إلى مساواة المرأة بالرجل في كل الميادين؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأسرية والحقوقية والحرية الشخصية، وغير ذلك، وفرض ذلك على كل من انضم إلى العضوية فيها، ووقَّع عليها، وخلاصة القول فيها أن هذه الدعوة إلى المساواة مطلقاً مناقضةٌ للعقل والفطرة والشرع والواقع، وفي تفاصيل مضامينها الكفر البواح، ولا تبرأ الذمة مع التوقيع عليها بالتحفظ المجمل، بل يجب على حكومة المملكة أن تسحب توقيعها على هذه الوثيقة.
    وما هذه الوثيقة إلا خطة ماكرة ومكيدة من الكافرين أعداء الإسلام والمسلمين لإفساد المرأة المسلمة، وإفساد مجتمعات المسلمين، فاقرؤوها يا أيها المشايخ، ويا أهل العلم، وقولوا ما يجب عليكم، وما تبرأ به ذمتكم، من بيان وجوه مناقضتها لأحكام شريعة الإسلام، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)، وقال تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ). والله أعلم.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس (سابقاً) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
5 جمادى الأولى 1434ه

 
 مزادات الدم المحمومة ... من يوقفها ؟
يحيى البوليني 
 
تبرع ولو بريال لعتق رقبة أخيكم فلان .. من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة .. ساهموا في عودة أخيكم فلان إلى ذويه ، فأمه المريضة تبكي طوال الليل وزوجته المكلومة وأبناؤه الصغار ينتظرون عودته إليهم ... لقد جمعنا (..) مليون وتبقى لنا (..) مليون لدفع ديته فلا تحرم نفسك الأجر بالمساهمة في إنقاذ رقبته ...
هكذا تمتلئ الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي بحملات تستدر عطف القراء الذين تتحرك مشاعرهم وتفيض عيونهم وتخفق قلوبهم للحظة التي سيكتمل فيها مبلغ الدية المطلوب ويعلن فيه عن قبول أهل القتيل للدية وعتق رقبة القاتل ، لتنتهي هذه الحملة وتبدأ على إثرها حملة أخرى لجمع مبلغ اكبر في مزاد شبه يومي لجمع الأموال .
وبدأت المزادات الغريبة والمؤلمة في آن واحد لنسمع أرقاما مخيفة يشترطها أهل القتيل أولياء الدم للعفو عن القاتل فسمعنا 17 مليون ، 20 مليون ، 23 مليون وأخيرا قرانا رقم 30 مليون ريال وربما يكون هناك أكثر , وذلك مع نشر أرقام حسابات بنكية لجمع صك الدية .
ولا شك أن قبول الدية أمر شرعي متاح لولي الدم كأحد البدائل في قضايا القتل , وبه تحل كثير من الأزمات بين العائلات , وهو تخفيف من الله سبحانه على أهل القتيل وتطييب لخاطرهم , وفيه تخفيف أيضا على القاتل من القصاص مع كونه فيه تعنيف وزجر للقاتل وأهله وردع للمجتمع ككل , فيحقق الغاية والحكمة العظيمة من الحدود الإسلامية التي جعلت لصيانة المجتمع ابتداء .
وليس في قلة مبلغ الدية أو كثرته تعويضا عن الروح الإنسانية التي أزهقت , ولكن المشكلة تكمن في المغالاة فيها إلى حد لا يطيقه كثير من الناس , ولذا فهناك عدة أسئلة لابد وان تطرح ووقفات لابد ان نتوقف عندها في هذا التسابق المحموم الذي بات مخيفا في آثاره وتداعياته على المجتمعات المسلمة التي تطبق شريعة الله
- إن الشارع الحكيم سبحانه ما شرع تشريعا إلا ويمثل عين الحكمة وعين الرحمة معا ، وليس في التشريع الإسلامي ظلم ولا قسوة ، وما القصاص إلا صورة عظمى من صور الرحمة - حتى للقاتل وأهله - فالمجتمع المسلم لابد وان يكون له حدود رادعة , والأخذ بالدية أيضا كذلك , ولكن تناول الصورة من جانب واحد أيضا فيه ظلم , فمغالاة البعض ومطالبتهم برحمة القاتل من القصاص ربما يعطي الانطباع بان حكم الله فيه قسوة ، فما كانت الأحكام الشرعية ومنها القصاص إلا لمصلحة المجتمع ككل من الاستهانة بقيمة الدماء , فتحفظ حياة الناس بوضع سياج قوي وحقيقي أمام كل مستهتر ، ولهذا فان كثرة الطرق على القلوب بمناشدة أصحاب القلوب الرحيمة للتدخل والتبرع هنا فيه تعريض بان شرع الله في القصاص بعيد عن الرحمة وقد قال الله سبحانه " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " .
- وعلى الرغم من أن حكم الدية شرعي ثابت لجميع الناس , فلم يحدد فيه ربنا سبحانه مواصفات معينة للقاتل الذي تُقبل منه الدية , إلا أن هذه الحملات لابد وان تهتم بحال القاتل , فلا يمكن حشد الناس واستدرار عطفهم من اجل قاتل فاسد ومفسد ومستهتر بالدم معتمد على وجود هذه الرخصة , ولابد وان تهتم بسلوك القاتل في محبسه ومدى تغييره ليتم توجيه تبرعات أهل الخير لإنقاذ رقبة التائب المستغفر النادم ، فلا تدفع هذه الحملات تبرعات أهل الخير بتبرعاتهم لإخراج عضو قد يكون فاسدا مفسدا ليعود للمجتمع مرة أخرى ثم يكرر نفس أفعاله مطمئنا أن أهل الخير سوف يتبرعون مرة ثانية وثالثة لإنقاذ رقبته ، فهل حُقق مراد الشرع الحنيف حينئذ ؟ و في مثل هذه الحالات هل أعان أهل الخير بعملهم هذا - بحسن نية - على الحق أم على الباطل ؟
- يعتمد المسئولون في هذه الحملات على تحريك المشاعر من جانب واحد فقط , ويكثر استهداف النساء في هذه الحملات لكونهن ارق قلوبا وأسرع تأثرا , فتكثر من الحديث عن القاتل في لحظة انتظار القصاص وهي اللحظة التي تستجلب الشفقة والرحمة به ، ولا تذكر أبدا تلك الحملات القتيل ولا لأمه المكلومة ولا لأبيه الحزين ولا لزوجته التي ترملت ولا لأطفاله الذين يُتموا ، فهذا تجنيب متعمد للحقيقة , وهذا شان كل عمل بشري وكل نظرة بشرية سطحية قاصرة تنظر فقط لواحدة فقط من زوايا الحدث .
- بالرغم من أن الدية من أقسام العفو الذي يعفوه أولياء الدم تكرما منهم على القاتل ,إلا أن فيها نوعا من العقوبة لابد وان تؤدي دورها فيه , فيساهم المبلغ المدفوع بهيئته العقابية في إثناء كل من تسول له نفسه أن يستهتر بالدم عندما يغرم من ماله ومال أوليائه - حتى لو افتقروا وباعوا كل ما لديهم - تأديبا وزجرا ، ولكن ما نراه الآن أن أولياء الدم ينالون مبلغ الدية من أناس بعيدين كل البعد عن القاتل وربما لا يعرفونه من الأساس ، بل قد يكونون من دولة أخرى ، فكيف تحقق الدية مفهومها العقابي على القتيل حينئذ ؟، وهل هذا السلوك لا يشجع على الاستهانة بالدم الحرام ؟
- وإذا كانت الدية احد مخارج العفو عن القتيل ، فكيف يشترط أولياء الدم هذه المبالغ الباهظة المطلوبة ، وهل لا تعتبر هذه المبالغ حينئذ ثمنا للنفس الإنسانية ؟ وما الذي يضمن أن تتحول الأمور بعد فترة إلى تعسير الديات على الجميع لاعتبارها نوعا من الوجاهة الاجتماعية ، فربما يأتي اليوم الذي يعير فيه من يقبل بالمبلغ الأقل ويتفاخر فيه من يطلب المبلغ الأعلى ، فهل يمكن ان نتصور أن هذا هو مراد الشرع الحنيف من الأحكام الإسلامية ؟
- ان الدور الحقيقي والأول في إيقاف هذه الظاهرة قبل استفحالها بالكلية هو دور العلماء الناصحين المؤثرين في عدم المساهمة في تبني مثل هذه الدعوات والحملات لان الناس يسيرون خلفهم وينتظرون كلمتهم ، كما يجب عليهم القيام بحملات توعوية عن خطورة هذا المسلك الذي يباعد بين الناس وبين روح الأحكام الشرعية التي قامت لصالح المجتمع
وكذلك على العلماء مراجعة عدة فتاوى صدرت من علماء أفاضل كرام تخص جمع الديات – تمت الإجابة عليها في أحوال سابقة قبل ان تدار الأمور بهذا الشكل - لوضع ضوابط جديدة لها , مثل فتوى سماحة الشيخ بن عثيمين - رحمه الله - وغيره في جواز دفع زكاة المال للمساهمة في الدية ، وذلك لتغير الظرف والحدث والأسباب لتحقيق مراد الشرع الحنيف , فالفتوى قد تتغير بحسب تغير عواملها ووفق مصلحة المسلمين وجودا وعدما ولتحقيق مقاصد الشريعة .
- وينبغي أن نناشد المؤسسات التشريعية أن تراجع تلك القضية مراجعة لكافة أسبابها وأثاراها لمحاولة السيطرة على هذه الظاهرة بتقنين حد أقصى لا يزيد الناس عنه لمن يريد أن يقبل الدية في قتيله حتى لا يصير الأمر ألعوبة في أيدي أهواء الناس .
- إن الباحث عن وجوه الخير ليجدها كثيرة جدا ، فكما ان جمع هذا المبلغ الضخم لإنقاذ حياة فرد واحد هو بالفعل باب من أبواب الخير وفيه تفريج لكربة مؤمن , لكن توجد أبواب خير كثيرة يمكن ان تستوعب هذه التبرعات وتستنزفها هذه الحملات , فيمكن لمثل هذا المبلغ الضخم أن يحيي مئات من الأسر المسلمة وينقذها من مشارف الهلاك في كثير من المناطق القريبة والبعيدة , وخاصة تلك الأماكن المنكوبة والتي تحتاج للأعمال الإغاثية مثل مخيمات المشردين حيث تنام فيها الأسر المسلمة على الثلوج ليقضي عليهم البرد والجوع والمرض ولا يجدون ما يسد جوعتهم أو ما يستر عوراتهم .
- وأخيرا تثبت وتؤكد تلك الظاهرة بانتشارها اللافت أن هذه الوسائل الإعلامية الحديثة ( الفيسبوك وتويتر وغيرها ) عظيمة التأثير حاليا في قرارات الناس وتطلعاتهم وأفكارهم ، فيمكن لهذه الوسائل أن تحشد الناس مع أو ضد قضية معينة - مثلما تفعل في تلك الحملات - وتجعلها محور حديثهم وتشغل أذهانهم وأوقاتهم ، وهذا المتغير الحديث والعظيم التأثير في المجتمعات المسلمة لابد من الانتباه إليه جيدا والتعامل معه على هذا الأساس فهو يشكل خطورة أكثر مما يعتقد الكثيرون ويمكن أن ينتفع منه انتفاعا عظيما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق