امتد تأثيرها في اللغات الأوروبية .. واليوم نعتقد أن تغيير اللسان كفيل بانتشالنا من أزمتناالكلام .. «صناعة» أهملها العرب بعد عقود من البراعة والتفوق |
قاموس اللغة الإسبانية وحده يتضمن ما يزيد على 6 آلاف كلمة عربية.
محمد طيفوري من الرباط
نعيش زمن السرعة، وهستيريا الضجيج والوجبات السريعة في الأكل والموسيقى والقراءة ... فلم تعد لأحد منا لذة في التذوق واستشعار مكنونات الأشياء. حتى وقت غير بعيد كنا نتهم المنتوج الذي لا يعمر طويلا بأنه ليس جيد الصنع، فنرد سبب عدم التعمير إلى نقص أو خلل أو عدم إتقان خاص بالمنتوج عينه. غير أن هذا الداء لحق كل مناحي الحياة، وما اللغة التي تقرؤون بها هذا الآن إلا مثال صريح على الأمر.
سوقية الألفاظ
يستشعر المتأمل الحذق في لغة الضاد اليوم نزوع أصحابها نحو الحشو والإطناب ورطانة في الأسلوب وسوقية الألفاظ والعبارات، لدرجة تجعل المرء يتساءل هل حقا مقولة "إن من البيان لسحرا" قيلت عن اللغة العربية؟ بلى، قيلت أيام كان العرب شديدي الاهتمام بلغتهم، حرصاء على تجويد لسانهم، وتنقيته من لغو العبارة ولحن الكلام. وفي ذلك يقول الشاعر: "لسان الفتى نصف ونصف فؤاده/ فلم يبق إلا صورة اللحم والدم".
أما بشار بن برد فينتصر للسان المقال قبل لسان الحال في بيت شعري له يقول: "يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة/ والأذن تعشق قبل العين أحيانا". هذا كان في الأيام الخوالي حين أقام العرب مصنفات تعد بمنزلة أركان أدبهم، يأتي في مقدمتها كتاب "البيان والتبيين" لمؤسس البيان العربي أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وكتاب "الأمالي" لأبي علي إسماعيل بن عيدون القالي، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة الدينوري، و"الكامل في اللغة والأدب" محمد بن يزيد المبرد، وغير ذلك من المصنفات الذخائر التي تحفل بها الخزانة العربية، مما ننعته اليوم دون حياء واستحياء، وبنوع من الازدراء بالكتب الصفراء. وكانوا يؤثرون من القول ما جاء وجيزا بليغا مركزا، وينفرون من فضول الكلام وحواشيه، واشتهر عنهم قول: "خير الكلام ما قل ودل".
يحفل التراث العربي بوقائع تكشف عن بلاغة العرب وفصاحتهم، وتؤكد ما نذهب إليه من عناية العرب نخبا وعوام، على حد سواء بلسانهم واهتمامهم به. ونستحضر هنا أحدثا تاريخية تزكي هذا الأمر منها حادثة الفتية مع الحجاج بين يوسف الثقفي الذي حسب جنده ثلاثة فتية، وجدوهم يطوفون ليلا في إحدى حواضر العراق، فسألهم أمير الجند: من أنتم حتى خالفتم أمر الأمير؟ قال الأول: "أنا ابن من دانت الرقاب له/ ما بين مخزومها وهاشمها، تأتيه على الرغم وهي صاغرة/ يأخذ من مالها ومن دمها". فأمسك عن قتله ظانا منه أنه من أقارب الأمير. ثم قال الآخر: "أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره/ وإن نزلت يوما فسوف تعود، ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره/ فمنهم قيام حولها وقعود" فأمسك عنه معتقدا أنه من أشراف العرب. وقال الأخير: "أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه/ وقومها بالسيف حتى استقلت، ركاباه لا تنفك رجلاه منهما/ إذا الخيل في يوم الكريهة ولت". فترك معتقدا أنه من فرسان العرب. في الصباح رفع أمرهم إلى الحجاج؛ فأحضرهم وكشف عن حالهم؛ فإذا بالأول ابن حجام؛ والثاني ابن فوال (بائع فول)؛ والثالث ابن حائك (دراز).
ذكاء البلاغة
وكانت الذكاء ممزوجا بالبلاغة وسيلة لقضاء الحوائج ونيل الأماني، فقد ورد في الأثر أن تاجرا تعرض له قطاع الطريق وأخذوا ماله فلجأ إلى المأمون ليشكو إليه وأقام ببابه فلم يؤذن له. فابتكر حيلة توصله إليه مفادها أنه حضر يوم الجمعة، ونادى يا أهل بغداد اشهدوا علي بما أقول: "إن لي ما ليس لله، وعندي ما ليس عند الله، ومعي ما لم يخلقه الله، وأحب الفتنة، وأكره الحق، وأشهد بما لم أر، وأصلي بغير وضوء". لما سمعه الناس قوله هذه حملوه إلى المأمون فقال له: "ما الذي بلغني عنك"؟ فرد التاجر: "صحيح". قال المأمون: "فما حملك على هذا؟". فأجاب: "قطع علي وأخذ مالي ولي ببابك لم يؤذن لي، ففعلت ما سمعت لأراك وأبلغك لترد علي مالي". قال له المأمون: "لك ذلك إن فسرت ما قلت".
قال التاجر: نعم، أما قولي "إن لي ما ليس لله" فلي زوجة وولد، وليس ذلك لله. وقولي "عندي ما ليس عند الله" فعندي الكذب والخديعة، والله بريء من ذلك. وقولي "معي ما لم يخلقه الله" فأنا أحفظ القرآن، وهو غير مخلوق. وقولي "أحب الفتنة" فإني أحب المال والولد لقوله تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة). وقولي "أكره الحق" فأنا أكره الموت وهو حق. وقولي "أشهد بما لم أر" فأنا أشهد أن محمدا رسول الله، ولم أره. وقولي "أصلي بغير وضوء" فإني أصلي على النبي بغير وضوء". فاستحسن المأمون ذلك وعوضه عن ماله.
ومن أشهر الخطب البليغة المروية عن العرب القدماء خطبة لقس بن ساعدة الأيادي، وكان مضرب المثل في الفصاحة، في فترة ما قبل الإسلام – والطريف أن هذه الخطبة تشف عن رؤية لدين جديد سوف يظل العرب -يقول قس: "يا أيها الناس اسمعوا وعوا.. وإذا وعيتم شيئا فانتفعوا، إنه من عاشا مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات وأرزاق، وأقوات وآباء وأمهات، جمع وأشتات، وآيات بعد آيات، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ليل داج وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا هناك فناموا، أقسم قسما حقا، لا حانثا فيه ولا آثما، إن لله دينا هو أحب إليكم من دينكم الذي أنتم عليه، ونبيا قد حان حينه وأظلكم أوانه وأدرككم إبانه، فطوبى لمن أدركه فآمن به وهداه، وويل لمن خالفه وعصاه".
قوة التأثير
لم تكن قوة لغة الضاد منحصرة بلسان الناطقين بها فقط، إذ تعداهم الأمر إلى اللغة في ذاتها، إذ كان لها تأثير بالغ في كل اللغات الأوروبية. ويكفي أن نستحضر لحفلة المقارنات هذه ثلاث لغات، يأتي في مقدمتها اللسان الإسباني، إذ يتضمن معجمه – وفق إحصائيات بعض اللغويين - ما يزيد على ستة آلاف كلمة عربية، نذكر منها للتمثيل لا الحصر: الزعفران (Azafrán)، الزيتون (Aceituna)، المخدة (Almohada)، القطن (Algodón) القصبة (Casbah)، الساقية (Sakia) ... إلخ
الأمر نفسه بالنسبة للسان الفرنسي الذي لم يسلم من نفحات الضاد حيث نجد فيه كلمات عربية أصيلة مثل: سفرية (Safari)، حشاشون (Assassin)، سكر(sucre)، أمير البحر (Amiral)، مسك (Musk)، غزالة (Gazelle)، زرافة (Girafe)، مسكين (Mesquin)، طبيب (Toubib)، جبة (Jupe)، مسخرة (Mascarade) ... إلخ.
بل حتى اللسان الألماني بتعقيداته وتباينه النوعي عن باقي اللغات الأوروبية، نجد فيه صدى عربيا، ومن ذلك نذكر: ترسانة (Arsenal)، العنبر(Ambra)، مخزن(Magazin)، ياسمين (Jasmin)، قفة (Koffer)، مطرح (Matratze).
كانت تلكم منتخبات من الأدلة على قوة لسان أمة امتدت حضارتها قرونا من الزمن، ما انفككنا اليوم نتلافى قيد المستطاع الحديث بها مستعيرين لسانا أعجمية غير عربي، معتقدين أن تغيير اللسان كفيل بانتشالنا من أزمتنا. ولنا عودة مع القراء في مقالة أخرى إلى بعض أدلة أخرى عن كنوز هذه اللغة، وغير ما قليل من عجائبها وغرائبها لذاتها، وعلى اللغات الأخرى وتراكيبها النحوية.
|
أوقفوا "المشاهير الجدد"!!
علي بطيح العمري
|
في كل مرة نحن مع موضة أو صورة أو فيديو جديد، يصبح حديث الركبان، مثل هذه الموضة في عهد "الطيبين" لا يكتب لها الشهرة وتموت في مهدها، بينما اليوم وجد "المشاهير الجدد" بغيتهم في الانتشار، إذ يصرون على توثيق سخافاتهم في مقاطع، وبثها عبر الإعلام للحصول على شهرة سخيفة!
"المشهور الجديد" قد يكون داعية أو شيخاً فجّر الساحة بفتوى غريبة، أو من جملة "المثقفين" يغرد بتغريدة "يأتي فيها بالعيد!!"، أو مراهقاً يظن أن مراهقته لا تتعدى أسوار بيته لكنها تنتشر، أو ممثلاً يمثل هذه "السخافات" لتبث للعالم.
"المشاهير الجدد" لا يسيئون لأنفسهم وعوائلهم فقط، فإساءاتهم تمتد إلى وطنهم وربما إسلامهم، في لباسهم خروج عن "اللياقة" العامة، وفي كلامهم ما تتبرأ منه علوم العرب ومعارفهم.. المشهور الجديد لا مانع لديه أن يرقص بالسروال والفانيلة أمام العالم!، ولا يمتنع أن يمثل في وضع يجعل الناس يسبون مجتمعه، ليس شرطاً أن يكونوا " المشاهير الجدد" من رواد الإعلام الجديد، حتى الفضائيات عبر مسلسلاتها تنتج "السفاهات".
هؤلاء يتوسلون الشهرة، ويسيرون على خطى الأعرابي الذي بحث عنها..
روى ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، وبال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!!
نحن لا نعمم في الحكم، فبعض المقاطع فيها مواهب لم تجد مسارح تحتويها، ولم تجد طريقاً إلى إعلام يتبناها، ولربما كانت بعض المقاطع حركة لا إرادية لكنها انتشرت وقلدها آخرون، ما أقصده هنا هي المقاطع السخيفة سواء كانت عبر الإعلام التقليدي أو الجديد، خاصة تلك التي تخدش الحياء وتسيء إلى قيمنا ومجتمعنا، وهي مقاطع لا تمت للفن بصلة.
للأسف حتى القنوات تشارك في جريمة "المشاهير الجدد" عبر إنتاجها أو عبر استضافة المسيئين.. ولا ننس أن عملية الدفع بالتافهين لتصدر المشهد الإعلامي، ليست جريمة فقط بحق الذوق العام، بل بحق أجيالنا الجديدة التي ستنشأ على أن "التفاهة" في هذا الزمن هي فن، أو أنها الطريق الوحيد للشهرة، فينصرفون عن طَرْق مجالات الشهرة الحقيقية في مجالات العلم والموهبة.
أفضل الحلول لإيقاف تمدد وانتشار "المشاهير الجدد" وسخافاتهم هو وعينا، لو أهملنا الصور والمقاطع التي نتلقاها؛ لماتت سلبياتهم في مهدها، ولقطعنا الطريق أمام انتشار "التوافه".
قارئي العزيز.. لنتوقف – أنا وإيااااك - عن إرسال هذه المقاطع والدعاية لها حتى لو أضحكتنا؛ كي لا نساهم في الدعوة والترويج للتافهين على حساب الذوق والمجتمع والثقافة!
|
الاستئصاليون: الليبراليون الراسبون في امتحان الربيع العربيعبد الله المفلح |
من الواضح جدًا أن نسبة الراسبين من الليبراليين العرب (أقول ليبراليين تجوزًا فقط) في امتحان الربيع العربي كانت مرتفعة جدًا.
لقد كانت مواقف الغالبية الساحقة منهم استئصالية، نسخة طبق الأصل عن الاستئصاليين الفرانكفونيين الجزائريين الذين أيدوا وطبلوا لانقلاب العسكر على الاختيار الشعبي نهاية عام 1991م بعد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية بالانتخابات. لقد قال أحدهم وقتها: لو لم ننقلب على جبهة الإنقاذ الإسلامية لسالت الدماء أنهارًا بسبب الإسلاميين. لكن هذا الفرانكفوني الاستئصالي لم يدرِ أن الأسوأ في الطريق.لقد دخلت البلاد نفق الحرب المظلم نتيجة هذا الانقلاب مما أدى إلى قتل أكثر من 150 ألف جزائري. وهنا أتذكر سؤال الدبلوماسي الجزائري السابق العربي بن زيتوت حين قابل ذلك الفرانكفوني الاستئصالي في الاتجاه المعاكس على شاشة الجزيرة فسأله: أتراها سالت ماءً بعد الانقلاب؟!
الليبراليون العرب في غالبيتهم الساحقة ليسوا بليبراليين. هم مجرد خصوم للتيار الإسلامي، ولأن الكثيرين درجوا على تصنيف المتصارعين واعتبار جميع خصوم التيارات الإسلامية“المحافظة” ليبراليين؛ لذا أسموهم “ليبراليين” رغم أن الكثير من هؤلاء الموصومين بالليبرالية ليسوا سوى حكوميين ومرتزقة ومخابراتيين ولصوص، ولا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالليبرالية وقيمها.
** ** **
هنا أتذكر تصريحين لقامتين لا يستطيع أحد أن يزايد على ليبراليتهم؛ الأولى: عرَّاب الليبرالية العربية الشهير المفكر فؤاد زكريا رحمه الله، الذي قال: “ليس لليبراليين العرب مشروع حقيقي. مشروعهم هو تخريب مشاريع الإسلاميين”. لاحظوا أنَّه يتكلم عن الليبراليين الأقحاح!
والتصريح الآخر للأستاذ السعودي محمد سعيد طيب، الذي قال بلهجته الحجازية: “يا بويا أزعجتونا بالليبراليين الليبراليين. الحقيقة هي أنَّ الليبراليين السعوديين يُعدَّون على أصابع اليد الواحدة، والباقي (أي البقية من المنتسبين لليبرالية في السعودية) هم دشير”. دشير جمع من داشر وتعني فاسدًا أخلاقيًا.
** ** **
سقط ليبراليو الجزائر في امتحان الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي وانحازوا إلى العسكر، وثبت أنَّهم لم يكونوا في يوم ليبراليين؛ بل استئصاليين، وهو التوصيف الذي اختاره لهم الليبراليون الحقيقيون في الجزائر.
ثم جاء الربيع العربي، وسقط ليبراليو مصر سقوطًا مدويًا بدعمهم للانقلاب العسكري الغاشم وعلى رأسهم البرادعي الذي سلَّم لوزير الدفاع البندقية كي يقتل الشعب ثم هرب وهو يقول إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.
بعد الانقلاب العسكري كشف الاستئصاليون الليبراليون عن وجههم القبيح، فدعموا قتل المتظاهرين السلميين بالمئات في رابعة والنهضة، ثم دعموا وطبَّلوا لعمليات القتل على الهوية التي ارتكبها نظام السيسي، وأيدوا ملاحقة مقاومي الانقلاب العسكري من غير الإسلاميين كالناشطين العلمانيين واليسارين والقوميين المستقلين.
وليبراليو سوريا مثل ليبراليي مصر؛ انظر لموقف أدونيس من بشَّار ودفاعه عنه، وانظر لهجومه على ثورة الشعب؟!
بل انظر إلى الليبراليين الخليجيين، وكيف وقفوا صفًا واحدًا خلف دعم الانقلاب العسكري في مصر، واعتبار أن كل من يرفض الانقلاب هو مجرد إخواني متستر، حتى ولو كان يساريًا أو علمانيًا أو عروبيًا!
إنَّه الاستئصال يا سادة، الذي يجعل من ليبرالي سعودي يدَّعي أنه حقوقي يُطبِّل لقتل المعتصمين في رابعة والنهضة وهم لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد العسكر. ويعتبر أن الحل مع الإسلاميين هو مسحهم من الخريطة حزبيًا وسياسيًا واجتماعيًا، دون أدنى اعتبار لفكرة “تداول السلطة” التي هي فكرة في جوهرها ليبرالية!
لا وجود لليبرالية عربية حقيقية. فأغلب من يظنهم الناس ليبراليين هم في الحقيقة استئصاليون مجرمون أو فاسدون أخلاقيًا لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالليبرالية أو الحرية أو الديمقراطية أو مؤسسات المجتمع المدني.
** ** **
فكروا معي قليلًا:
لماذا لا ينتقد هؤلاء الليبراليون الحكومات؟ أليست الليبرالية فلسفة سياسية تقوم على قيمتي الحرية والمساواة؟ لماذا يصمتون عن الحرية السياسية؟
لماذا لا يتحدثون عن ضرورة إنشاء دستور وتطبيق الديمقراطية والتي هي أس الحرية السياسية؟
لماذا لا يتكلمون عن الظلم السياسي، وحرية الكلمة، وتداول السلطة، والحقوق، وسرقة المال العام، والاعتقال التعسفي كما يتكلم كل ليبراليي العالم؟!
لماذا يتجاهلون كل القيم الليبرالية ذات العلاقة بالسياسة، ويقصرون حماستهم على تفاصيل اجتماعية صغيرة خاصة بالمرأة وحقوقها يقيمون الدنيا ولا يقعدونها حين الكلام عنها؟
ولك أن تقارن بين مواقف الليبراليين الغربيين ومواقف من يوصفون بأنَّهم ليبراليون عرب.
وقف الليبراليون الغربيون مع الحجاب، بل ولبسوا النقاب وتظاهروا ضد قرار الحكومة بصفته قرارًا ينافي الحرية، ووقفوا ضد غزو العراق، وضد إجرام بشَّار، وضد الإساءات للنبي صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي، وضد الاستعمار الجديد، وضد غوانتانامو، وضد جرائم التعذيب التي ترتكبها الحكومات في أي مكان من العالم، ووقفوا مع الربيع العربي بصفته تعبيرًا عن غضب الشعوب العربية، وأعلنوا رفضهم للثورات المضادة، ورفضهم للانقلاب المصري الذي أودى بحياة المئات من المدنيين..إلخ من مواقف “ليبرالية” حقيقية مشرفة.
على الجهة الأخرى، انظر إلى مواقف الليبراليين العرب (مرة أخرى ، مع رفضي لوصفهم بالليبراليين)، تجدهم على النقيض من مواقف الليبراليين الغربيين. فهم ضد خيارات شعوبهم، وهم ضد الدين باعتبار أن انتقاد النبي صلى الله عليه وسلم والدين حرية شخصية، وهم مع غزو العراق وما أتبعه من كوارث، وهم ضد الربيع العربي ومع الثورات المضادة، وهم مع قتل واعتقال وتعذيب الإسلاميين، وهم ضد النقاب والحجاب.
فعن أي ليبرالية يتكلم هؤلاء الساقطون؟
لذا؛ خذها مني قاعدة: إذا أردت أن تكتشف الليبرالي الحقيقي من الاستئصالي والداشر؛ فانظر موقفه من الإصلاح السياسي، ودوره في الدعوة إليه، فإذا لم تجد شيئًا؛ فاعلم أنَّه استئصالي أو داشر وليس له علاقة من قريب أو من بعيد بالليبرالية!
|
كيف نعيش 500 عام؟
د.م. عصام أمان الله بخاري
| |||||
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم!
إذا كان الشاعر الجاهلي (زهير بن أبي سلمى) قد سئم الحياة من بعد ثمانين عاماً فإن (سيرجي برين) المؤسس المشارك لشركة جوجل يؤمن أن البشر يستطيعون امتلاك تقنيات ستساعدهم ليعيشوا خمس مئة عام.. مقالة اليوم تناقش الآليات الممكنة لنصل بأعمارنا إلى خمسة قرون...
نبدأ بالسؤال، من أطول البشر عمراً؟ نعرف أن سيدنا نوح عليه السلام عاش ما يزيد على التسعة قرون بدليل قوله عز وجل في سورة العنكبوت: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً). وعند الحديث عن الإحصائيات البشرية الموثقة فقد سجلت الفرنسية (جان كالمينت) الرقم الأعلى حيث بلغ عمرها 122 سنة و164 يوماً.
وتشير تقارير لرجل صيني يدعى (لي تشينج يون) عاش 256 عاماً بين القرن السابع عشر والقرن العشرين. وقام مراسل صحيفة نيويورك تايمز بزيارة المنطقة التي عاش فيها المعمر الصيني وقابل الكثير من الأشخاص الذي قابلوه وتحدثوا معه مما يعزز الرأي بأنه شخصية حقيقية حسب المقالة المنشورة بتاريخ (6 /5 /1933م)، ونشرت مجلة التايم بتاريخ (15/ 5 /1933م) أسرار طيلة العمر هذا المعمر حسب ما أفاد به من عايشوه والتي ضمنها في النصيحة التالية: (حافظ على قلب هادئ، اجلس كالسلحفاة، امش بحيوية كالحمامة ونم مثل الكلب!)
وبعيداً عن السلاحف والحمام فنناقش في الأسطر التالية الابتكارات التي قد تسهم بالوصول بأعمارنا لخمس مئة عام ومنها:
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق