الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

آن لكم أن تنزعوا أحذيتكم ؟!


أسماء الفهد 

 
منذ زمن حاولت أن أتوقف عن الشجب والاستنكار وحاولت الانغماس في ملذات الدنيا  إرضاءً لضميري !!! كنت أشعر حينها كم نحن منافقين نبكي للحظات ونشجب ونستنكر ثم ما نلبث سويعات حتى نعيش ملذات الدنيا بحذافيرها ! فبعضنا يتحدث عن الجوع الذي حل بإخواننا وهو مدعو على مائدة بالأمتار؟! والبعض يتحدث عن حزنه على حال اخوانه هو يتراقص على  الأنغام والشيلات ؟! ومنهم من كان يكتب ويبكي وهو يلعب البيلوت في إحدى الإستراحات ! ... الخ ، كنت أتساءل عن صدق مشاعرنا تجاه اخواننا المكلومين والمعذبين في مشارق الأرض ومغاربها هل هي حقيقية؟! أو جزء من مسلسل معتاد مستهلك نعيده كل مرة ! أو هي مشاعر صادقة لحظية يطلقها جزء من ضميرنا الحي المغيب كتأدية واجب لا أكثر ولا أقل ! قرأت أن عمراً بن الخطاب رضي الله عنه في عام المجاعة كانت تقرقر بطنه فقال (قرقر أيها البطن ، أو لا تقرقر ، فو الله لن تذوق اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين) !!!  يعلمنا عمر رضي الله عنه هنا مفهوم الإحساس الحقيقي الصادق ! لعل ذلك الشعور الصادق يدفعنا  لاختلاق طرق لمساعدة المكلومين والمتوجعين في هذه الأرض ! فعندما نمتنع عن الطعام ونشعر بالجوع سيدفعنا ذلك الإحساس للفعل والبحث عن طرق وحلول! أليس باب الصيام يدربنا على مفهوم الإحساس الحقيقي ويدفعنا للعمل للفقراء والمساكين والتصدق عليهم ؟! فما فائدة الأحاسيس التي تشجب و تستنكر ولا تفعل ؟! حقيقة أقنعني ضميري بكل تلك الفلسفات فقد أدخلتكم في متاهات وفلسفات وحقيقة  أني مستمتعة أنا وضميري بالحياة ولذتها وكنت أحادث نفسي أين سأقضي إجازة الحج  داخل السعودية أم خارجها ؟! مستمتعة بنغمات أصابك عشقٌ وكنت في الماضي عندما أستيقظ صباحاً أرضي ضميري كي لا أنسى قضيتنا الأولى قضية فلسطين فأستمع  للنشيد الوطني الفلسطيني (موطني ) الذي صاغة الشاعر إبراهيم طوقان لكن ضميري قال لي أني أعيش قمة نفاقي فلا يستقيم التذكر دون فعل ! ولا يستقيم القول دون فعل !طوال حياتنا ونحن نشجب ونستنكر حتى شابت رؤوسنا ولم يتغير شيء ؟!!  المهم لا عليكم مني ومن ضميري فقط أحتاج جواباً لذلك السؤال الذي أشغلني وأفسد علي  متعة الاستمتاع  بيومي في ظنكم لماذا كل أولئك السوريين هربوا من الموت  وجابهوا البحر وهم ذاهبون من الموت إلى الموت ولكن بطريقة أخرى ! لماذا أداروا ظهورهم  لقرابة 22 دولة عربية وأكثر من 50 دولة مسلمة ولم يلجأوا  إليهم و استلاذوا بالغرب يطلبون اللجوء لهم  هل من شدة اليأس والظلم خيل لهم أن تلك البقاع أنها الحبشة وسيجدون ملكاً عادلاً ينصرهم  كما نصر رسولهم عليه أفضل الصلاة والسلام ؟! أحتاج جواباً لهذا السؤال فأسعفوني به! قبل أن أودعكم قرأت كلاماً لغولدا ﻣﺎﺋﻴﺮ رئيسة وزراء اسرائيل تقول ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣُﺮﻕ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻟﻢ ﺃﻧﻢ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺗﺨﻴﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺳﻴﺪﺧﻠﻮﻥ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺃﻓﻮﺍﺟﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏ ﻟﻜﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻃﻠﻊ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﺷﻲﺀ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﺑﺈﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﻓﻌﻞ ﻣﺎﻧﺸﺎﺀ  ﻓﻬﺬﻩ  ﺃﻣﺔ ﻧﺎﺋﻤﺔ!!! حقيقة دائماً عندما اقرأ كلامها هذا  أتذكر مباشرة النوم وسريري الوثير وبراد مكيفي الجميل لذلك أستأذنكم لأستكمل نومي وأعدكم وعداً عندما أستيقظ أن أنقل لكم يومياتي عبر السناب شات وأنا أتسكع في شوارع ومطاعم الرياض وأعدكم أن ألتقط لكم صوراً لشنطتي وحذائي الماركة باهضتي الثمن والتي لو بعتهما لأطعمت لاجئي سوريا شهراً !وحقيقة رغم حرصي على تصوير حذائي دائما إلا أنه لم يحظى بأي شهرة كما حظي به حذاء ذلك الطفل السوري المرمي على الشاطئ ! وحقيقة  خشيت طوال الأيام الماضية أن يطرح أحدهم فكرة أن يوضع حذاء ذلك الطفل في متحف تخليداً لذكراه  فتلك الفكرة ستجعلنا نمشي بلا أحذية ! من عقدة الذنب لشعورنا بالتقصير تجاه قضية سوريا !  و الحمد لله أنه لم يطرح أحداً تلك الفكرة ! لا تغضبوا مني لرفضي تلك الفكرة !! فأنا لست سيئة لهذه الدرجة فقد حاولت أن أبكي وأنا أكتب المقال ولكن دموعي لم تسعفني لكن صدقوني كانت تقاسيم وجهي حزينة وأنا أكتب ألا يكفيكم ويكفي سوريا هذا الشعور ؟! اعذروني إذا رأيتموني أضحك بعد أيام وأنسيت تلك التقاسيم الحزينة التي مرت على وجهي وذلك الحذاء وذلك الطفل المرمي! فهذه مشاعرنا المعتادة نبكي سويعات ثم ننسى وكأن شيئاً لم يحدث ! ضميري يقول لي لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فاقتنعت بكلامه  !!
ألتقيكم في سناب شات مع حذائي الثمين !


 

امتد تأثيرها في اللغات الأوروبية .. واليوم نعتقد أن تغيير اللسان كفيل بانتشالنا من أزمتنا

الكلام .. «صناعة» أهملها العرب بعد عقود من البراعة والتفوق

 


قاموس اللغة الإسبانية وحده يتضمن ما يزيد على 6 آلاف كلمة عربية.
قاموس اللغة الإسبانية وحده يتضمن ما يزيد على 6 آلاف كلمة عربية.
محمد طيفوري من الرباط
نعيش زمن السرعة، وهستيريا الضجيج والوجبات السريعة في الأكل والموسيقى والقراءة ... فلم تعد لأحد منا لذة في التذوق واستشعار مكنونات الأشياء. حتى وقت غير بعيد كنا نتهم المنتوج الذي لا يعمر طويلا بأنه ليس جيد الصنع، فنرد سبب عدم التعمير إلى نقص أو خلل أو عدم إتقان خاص بالمنتوج عينه. غير أن هذا الداء لحق كل مناحي الحياة، وما اللغة التي تقرؤون بها هذا الآن إلا مثال صريح على الأمر.

سوقية الألفاظ

يستشعر المتأمل الحذق في لغة الضاد اليوم نزوع أصحابها نحو الحشو والإطناب ورطانة في الأسلوب وسوقية الألفاظ والعبارات، لدرجة تجعل المرء يتساءل هل حقا مقولة "إن من البيان لسحرا" قيلت عن اللغة العربية؟ بلى، قيلت أيام كان العرب شديدي الاهتمام بلغتهم، حرصاء على تجويد لسانهم، وتنقيته من لغو العبارة ولحن الكلام. وفي ذلك يقول الشاعر: "لسان الفتى نصف ونصف فؤاده/ فلم يبق إلا صورة اللحم والدم".
أما بشار بن برد فينتصر للسان المقال قبل لسان الحال في بيت شعري له يقول: "يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة/ والأذن تعشق قبل العين أحيانا". هذا كان في الأيام الخوالي حين أقام العرب مصنفات تعد بمنزلة أركان أدبهم، يأتي في مقدمتها كتاب "البيان والتبيين" لمؤسس البيان العربي أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، وكتاب "الأمالي" لأبي علي إسماعيل بن عيدون القالي، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة الدينوري، و"الكامل في اللغة والأدب" محمد بن يزيد المبرد، وغير ذلك من المصنفات الذخائر التي تحفل بها الخزانة العربية، مما ننعته اليوم دون حياء واستحياء، وبنوع من الازدراء بالكتب الصفراء. وكانوا يؤثرون من القول ما جاء وجيزا بليغا مركزا، وينفرون من فضول الكلام وحواشيه، واشتهر عنهم قول: "خير الكلام ما قل ودل".
يحفل التراث العربي بوقائع تكشف عن بلاغة العرب وفصاحتهم، وتؤكد ما نذهب إليه من عناية العرب نخبا وعوام، على حد سواء بلسانهم واهتمامهم به. ونستحضر هنا أحدثا تاريخية تزكي هذا الأمر منها حادثة الفتية مع الحجاج بين يوسف الثقفي الذي حسب جنده ثلاثة فتية، وجدوهم يطوفون ليلا في إحدى حواضر العراق، فسألهم أمير الجند: من أنتم حتى خالفتم أمر الأمير؟ قال الأول: "أنا ابن من دانت الرقاب له/ ما بين مخزومها وهاشمها، تأتيه على الرغم وهي صاغرة/ يأخذ من مالها ومن دمها". فأمسك عن قتله ظانا منه أنه من أقارب الأمير. ثم قال الآخر: "أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره/ وإن نزلت يوما فسوف تعود، ترى الناس أفواجا إلى ضوء ناره/ فمنهم قيام حولها وقعود" فأمسك عنه معتقدا أنه من أشراف العرب. وقال الأخير: "أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه/ وقومها بالسيف حتى استقلت، ركاباه لا تنفك رجلاه منهما/ إذا الخيل في يوم الكريهة ولت". فترك معتقدا أنه من فرسان العرب. في الصباح رفع أمرهم إلى الحجاج؛ فأحضرهم وكشف عن حالهم؛ فإذا بالأول ابن حجام؛ والثاني ابن فوال (بائع فول)؛ والثالث ابن حائك (دراز).

ذكاء البلاغة

وكانت الذكاء ممزوجا بالبلاغة وسيلة لقضاء الحوائج ونيل الأماني، فقد ورد في الأثر أن تاجرا تعرض له قطاع الطريق وأخذوا ماله فلجأ إلى المأمون ليشكو إليه وأقام ببابه فلم يؤذن له. فابتكر حيلة توصله إليه مفادها أنه حضر يوم الجمعة، ونادى يا أهل بغداد اشهدوا علي بما أقول: "إن لي ما ليس لله، وعندي ما ليس عند الله، ومعي ما لم يخلقه الله، وأحب الفتنة، وأكره الحق، وأشهد بما لم أر، وأصلي بغير وضوء". لما سمعه الناس قوله هذه حملوه إلى المأمون فقال له: "ما الذي بلغني عنك"؟ فرد التاجر: "صحيح". قال المأمون: "فما حملك على هذا؟". فأجاب: "قطع علي وأخذ مالي ولي ببابك لم يؤذن لي، ففعلت ما سمعت لأراك وأبلغك لترد علي مالي". قال له المأمون: "لك ذلك إن فسرت ما قلت".
قال التاجر: نعم، أما قولي "إن لي ما ليس لله" فلي زوجة وولد، وليس ذلك لله. وقولي "عندي ما ليس عند الله" فعندي الكذب والخديعة، والله بريء من ذلك. وقولي "معي ما لم يخلقه الله" فأنا أحفظ القرآن، وهو غير مخلوق. وقولي "أحب الفتنة" فإني أحب المال والولد لقوله تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة). وقولي "أكره الحق" فأنا أكره الموت وهو حق. وقولي "أشهد بما لم أر" فأنا أشهد أن محمدا رسول الله، ولم أره. وقولي "أصلي بغير وضوء" فإني أصلي على النبي بغير وضوء". فاستحسن المأمون ذلك وعوضه عن ماله.
ومن أشهر الخطب البليغة المروية عن العرب القدماء خطبة لقس بن ساعدة الأيادي، وكان مضرب المثل في الفصاحة، في فترة ما قبل الإسلام – والطريف أن هذه الخطبة تشف عن رؤية لدين جديد سوف يظل العرب -يقول قس: "يا أيها الناس اسمعوا وعوا.. وإذا وعيتم شيئا فانتفعوا، إنه من عاشا مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، مطر ونبات وأرزاق، وأقوات وآباء وأمهات، جمع وأشتات، وآيات بعد آيات، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، ليل داج وسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا هناك فناموا، أقسم قسما حقا، لا حانثا فيه ولا آثما، إن لله دينا هو أحب إليكم من دينكم الذي أنتم عليه، ونبيا قد حان حينه وأظلكم أوانه وأدرككم إبانه، فطوبى لمن أدركه فآمن به وهداه، وويل لمن خالفه وعصاه".

قوة التأثير

لم تكن قوة لغة الضاد منحصرة بلسان الناطقين بها فقط، إذ تعداهم الأمر إلى اللغة في ذاتها، إذ كان لها تأثير بالغ في كل اللغات الأوروبية. ويكفي أن نستحضر لحفلة المقارنات هذه ثلاث لغات، يأتي في مقدمتها اللسان الإسباني، إذ يتضمن معجمه – وفق إحصائيات بعض اللغويين - ما يزيد على ستة آلاف كلمة عربية، نذكر منها للتمثيل لا الحصر: الزعفران (Azafrán)، الزيتون (Aceituna)، المخدة (Almohada)، القطن (Algodón) القصبة (Casbah)، الساقية (Sakia) ... إلخ
الأمر نفسه بالنسبة للسان الفرنسي الذي لم يسلم من نفحات الضاد حيث نجد فيه كلمات عربية أصيلة مثل: سفرية (Safari)، حشاشون (Assassin)، سكر(sucre)، أمير البحر (Amiral)، مسك (Musk)، غزالة (Gazelle)، زرافة (Girafe)، مسكين (Mesquin)، طبيب (Toubib)، جبة (Jupe)، مسخرة (Mascarade) ... إلخ.
بل حتى اللسان الألماني بتعقيداته وتباينه النوعي عن باقي اللغات الأوروبية، نجد فيه صدى عربيا، ومن ذلك نذكر: ترسانة (Arsenal)، العنبر(Ambra)، مخزن(Magazin)، ياسمين (Jasmin)، قفة (Koffer)، مطرح (Matratze).
كانت تلكم منتخبات من الأدلة على قوة لسان أمة امتدت حضارتها قرونا من الزمن، ما انفككنا اليوم نتلافى قيد المستطاع الحديث بها مستعيرين لسانا أعجمية غير عربي، معتقدين أن تغيير اللسان كفيل بانتشالنا من أزمتنا. ولنا عودة مع القراء في مقالة أخرى إلى بعض أدلة أخرى عن كنوز هذه اللغة، وغير ما قليل من عجائبها وغرائبها لذاتها، وعلى اللغات الأخرى وتراكيبها النحوية.
       

  أوقفوا "المشاهير الجدد"!!

علي بطيح العمري
 
في كل مرة نحن مع موضة أو صورة أو فيديو جديد، يصبح حديث الركبان، مثل هذه الموضة في عهد "الطيبين" لا يكتب لها الشهرة وتموت في مهدها، بينما اليوم وجد "المشاهير الجدد" بغيتهم في الانتشار، إذ يصرون على توثيق سخافاتهم في مقاطع، وبثها عبر الإعلام للحصول على شهرة سخيفة!

"المشهور الجديد" قد يكون داعية أو شيخاً فجّر الساحة بفتوى غريبة، أو من جملة "المثقفين" يغرد بتغريدة "يأتي فيها بالعيد!!"، أو مراهقاً يظن أن مراهقته لا تتعدى أسوار بيته لكنها تنتشر، أو ممثلاً يمثل هذه "السخافات" لتبث للعالم.

"المشاهير الجدد" لا يسيئون لأنفسهم وعوائلهم فقط، فإساءاتهم تمتد إلى وطنهم وربما إسلامهم، في لباسهم خروج عن "اللياقة" العامة، وفي كلامهم ما تتبرأ منه علوم العرب ومعارفهم.. المشهور الجديد لا مانع لديه أن يرقص بالسروال والفانيلة أمام العالم!، ولا يمتنع أن يمثل في وضع يجعل الناس يسبون مجتمعه، ليس شرطاً أن يكونوا " المشاهير الجدد" من رواد الإعلام الجديد، حتى الفضائيات عبر مسلسلاتها تنتج "السفاهات".

هؤلاء يتوسلون الشهرة، ويسيرون على خطى الأعرابي الذي بحث عنها..
روى ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، وبال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!!

نحن لا نعمم في الحكم، فبعض المقاطع فيها مواهب لم تجد مسارح تحتويها، ولم تجد طريقاً إلى إعلام يتبناها، ولربما كانت بعض المقاطع حركة لا إرادية لكنها انتشرت وقلدها آخرون، ما أقصده هنا هي المقاطع السخيفة سواء كانت عبر الإعلام التقليدي أو الجديد، خاصة تلك التي تخدش الحياء وتسيء إلى قيمنا ومجتمعنا، وهي مقاطع لا تمت للفن بصلة.

للأسف حتى القنوات تشارك في جريمة "المشاهير الجدد" عبر إنتاجها أو عبر استضافة المسيئين.. ولا ننس أن عملية الدفع بالتافهين لتصدر المشهد الإعلامي، ليست جريمة فقط بحق الذوق العام، بل بحق أجيالنا الجديدة التي ستنشأ على أن "التفاهة" في هذا الزمن هي فن، أو أنها الطريق الوحيد للشهرة، فينصرفون عن طَرْق مجالات الشهرة الحقيقية في مجالات العلم والموهبة.

أفضل الحلول لإيقاف تمدد وانتشار "المشاهير الجدد" وسخافاتهم هو وعينا، لو أهملنا الصور والمقاطع التي نتلقاها؛ لماتت سلبياتهم في مهدها، ولقطعنا الطريق أمام انتشار "التوافه".
قارئي العزيز.. لنتوقف – أنا وإيااااك - عن إرسال هذه المقاطع والدعاية لها حتى لو أضحكتنا؛ كي لا نساهم في الدعوة والترويج للتافهين على حساب الذوق والمجتمع والثقافة!




       

الاستئصاليون: الليبراليون الراسبون في امتحان الربيع العربي



عبد الله المفلح

 من الواضح جدًا أن نسبة الراسبين من الليبراليين العرب (أقول ليبراليين تجوزًا فقط) في امتحان الربيع العربي كانت مرتفعة جدًا.
لقد كانت مواقف الغالبية الساحقة منهم استئصالية، نسخة طبق الأصل عن الاستئصاليين الفرانكفونيين الجزائريين الذين أيدوا وطبلوا لانقلاب العسكر على الاختيار الشعبي نهاية عام 1991م بعد فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية بالانتخابات. لقد قال أحدهم وقتها: لو لم ننقلب على جبهة الإنقاذ الإسلامية لسالت الدماء أنهارًا بسبب الإسلاميين. لكن هذا الفرانكفوني الاستئصالي لم يدرِ أن الأسوأ في الطريق.لقد دخلت البلاد نفق الحرب المظلم نتيجة هذا الانقلاب مما أدى إلى قتل أكثر من 150 ألف جزائري. وهنا أتذكر سؤال الدبلوماسي الجزائري السابق العربي بن زيتوت حين قابل ذلك الفرانكفوني الاستئصالي في الاتجاه المعاكس على شاشة الجزيرة فسأله: أتراها سالت ماءً بعد الانقلاب؟!
الليبراليون العرب في غالبيتهم الساحقة ليسوا بليبراليين. هم مجرد خصوم للتيار الإسلامي، ولأن الكثيرين درجوا على تصنيف المتصارعين واعتبار جميع خصوم التيارات الإسلامية“المحافظة” ليبراليين؛ لذا أسموهم “ليبراليين” رغم أن الكثير من هؤلاء الموصومين بالليبرالية ليسوا سوى حكوميين ومرتزقة ومخابراتيين ولصوص، ولا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالليبرالية وقيمها.
** ** **
هنا أتذكر تصريحين لقامتين لا يستطيع أحد أن يزايد على ليبراليتهم؛ الأولى: عرَّاب الليبرالية العربية الشهير المفكر فؤاد زكريا رحمه الله، الذي قال: “ليس لليبراليين العرب مشروع حقيقي. مشروعهم هو تخريب مشاريع الإسلاميين”. لاحظوا أنَّه يتكلم عن الليبراليين الأقحاح!
والتصريح الآخر للأستاذ السعودي محمد سعيد طيب، الذي قال بلهجته الحجازية: “يا بويا أزعجتونا بالليبراليين الليبراليين. الحقيقة هي أنَّ الليبراليين السعوديين يُعدَّون على أصابع اليد الواحدة، والباقي (أي البقية من المنتسبين لليبرالية في السعودية) هم دشير”. دشير جمع من داشر وتعني فاسدًا أخلاقيًا.
** ** **
سقط ليبراليو الجزائر في امتحان الديمقراطية في تسعينيات القرن الماضي وانحازوا إلى العسكر، وثبت أنَّهم لم يكونوا في يوم ليبراليين؛ بل استئصاليين، وهو التوصيف الذي اختاره لهم الليبراليون الحقيقيون في الجزائر.
ثم جاء الربيع العربي، وسقط ليبراليو مصر سقوطًا مدويًا بدعمهم للانقلاب العسكري الغاشم وعلى رأسهم البرادعي الذي سلَّم لوزير الدفاع البندقية كي يقتل الشعب ثم هرب وهو يقول إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.
بعد الانقلاب العسكري كشف الاستئصاليون الليبراليون عن وجههم القبيح، فدعموا قتل المتظاهرين السلميين بالمئات في رابعة والنهضة، ثم دعموا وطبَّلوا لعمليات القتل على الهوية التي ارتكبها نظام السيسي، وأيدوا ملاحقة مقاومي الانقلاب العسكري من غير الإسلاميين كالناشطين العلمانيين واليسارين والقوميين المستقلين.
وليبراليو سوريا مثل ليبراليي مصر؛ انظر لموقف أدونيس من بشَّار ودفاعه عنه، وانظر لهجومه على ثورة الشعب؟!
بل انظر إلى الليبراليين الخليجيين، وكيف وقفوا صفًا واحدًا خلف دعم الانقلاب العسكري في مصر، واعتبار أن كل من يرفض الانقلاب هو مجرد إخواني متستر، حتى ولو كان يساريًا أو علمانيًا أو عروبيًا!
إنَّه الاستئصال يا سادة، الذي يجعل من ليبرالي سعودي يدَّعي أنه حقوقي يُطبِّل لقتل المعتصمين في رابعة والنهضة وهم لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد العسكر. ويعتبر أن الحل مع الإسلاميين هو مسحهم من الخريطة حزبيًا وسياسيًا واجتماعيًا، دون أدنى اعتبار لفكرة “تداول السلطة” التي هي فكرة في جوهرها ليبرالية!
لا وجود لليبرالية عربية حقيقية. فأغلب من يظنهم الناس ليبراليين هم في الحقيقة استئصاليون مجرمون أو فاسدون أخلاقيًا لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالليبرالية أو الحرية أو الديمقراطية أو مؤسسات المجتمع المدني.
** ** **
فكروا معي قليلًا:
لماذا لا ينتقد هؤلاء الليبراليون الحكومات؟ أليست الليبرالية فلسفة سياسية تقوم على قيمتي الحرية والمساواة؟ لماذا يصمتون عن الحرية السياسية؟
لماذا لا يتحدثون عن ضرورة إنشاء دستور وتطبيق الديمقراطية والتي هي أس الحرية السياسية؟
لماذا لا يتكلمون عن الظلم السياسي، وحرية الكلمة، وتداول السلطة، والحقوق، وسرقة المال العام، والاعتقال التعسفي كما يتكلم كل ليبراليي العالم؟!
لماذا يتجاهلون كل القيم الليبرالية ذات العلاقة بالسياسة، ويقصرون حماستهم على تفاصيل اجتماعية صغيرة خاصة بالمرأة وحقوقها يقيمون الدنيا ولا يقعدونها حين الكلام عنها؟
ولك أن تقارن بين مواقف الليبراليين الغربيين ومواقف من يوصفون بأنَّهم ليبراليون عرب.
وقف الليبراليون الغربيون مع الحجاب، بل ولبسوا النقاب وتظاهروا ضد قرار الحكومة بصفته قرارًا ينافي الحرية، ووقفوا ضد غزو العراق، وضد إجرام بشَّار، وضد الإساءات للنبي صلى الله عليه وسلم والدين الإسلامي، وضد الاستعمار الجديد، وضد غوانتانامو، وضد جرائم التعذيب التي ترتكبها الحكومات في أي مكان من العالم، ووقفوا مع الربيع العربي بصفته تعبيرًا عن غضب الشعوب العربية، وأعلنوا رفضهم للثورات المضادة، ورفضهم للانقلاب المصري الذي أودى بحياة المئات من المدنيين..إلخ من مواقف “ليبرالية” حقيقية مشرفة.
على الجهة الأخرى، انظر إلى مواقف الليبراليين العرب (مرة أخرى ، مع رفضي لوصفهم بالليبراليين)، تجدهم على النقيض من مواقف الليبراليين الغربيين. فهم ضد خيارات شعوبهم، وهم ضد الدين باعتبار أن انتقاد النبي صلى الله عليه وسلم والدين حرية شخصية، وهم مع غزو العراق وما أتبعه من كوارث، وهم ضد الربيع العربي ومع الثورات المضادة، وهم مع قتل واعتقال وتعذيب الإسلاميين، وهم ضد النقاب والحجاب.
فعن أي ليبرالية يتكلم هؤلاء الساقطون؟
لذا؛ خذها مني قاعدة: إذا أردت أن تكتشف الليبرالي الحقيقي من الاستئصالي والداشر؛ فانظر موقفه من الإصلاح السياسي، ودوره في الدعوة إليه، فإذا لم تجد شيئًا؛ فاعلم أنَّه استئصالي أو داشر وليس له علاقة من قريب أو من بعيد بالليبرالية!


       

 

كيف نعيش 500 عام؟

د.م. عصام أمان الله بخاري
 
    سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم!
إذا كان الشاعر الجاهلي (زهير بن أبي سلمى) قد سئم الحياة من بعد ثمانين عاماً فإن (سيرجي برين) المؤسس المشارك لشركة جوجل يؤمن أن البشر يستطيعون امتلاك تقنيات ستساعدهم ليعيشوا خمس مئة عام.. مقالة اليوم تناقش الآليات الممكنة لنصل بأعمارنا إلى خمسة قرون...
نبدأ بالسؤال، من أطول البشر عمراً؟ نعرف أن سيدنا نوح عليه السلام عاش ما يزيد على التسعة قرون بدليل قوله عز وجل في سورة العنكبوت: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً). وعند الحديث عن الإحصائيات البشرية الموثقة فقد سجلت الفرنسية (جان كالمينت) الرقم الأعلى حيث بلغ عمرها 122 سنة و164 يوماً.
وتشير تقارير لرجل صيني يدعى (لي تشينج يون) عاش 256 عاماً بين القرن السابع عشر والقرن العشرين. وقام مراسل صحيفة نيويورك تايمز بزيارة المنطقة التي عاش فيها المعمر الصيني وقابل الكثير من الأشخاص الذي قابلوه وتحدثوا معه مما يعزز الرأي بأنه شخصية حقيقية حسب المقالة المنشورة بتاريخ (6 /5 /1933م)، ونشرت مجلة التايم بتاريخ (15/ 5 /1933م) أسرار طيلة العمر هذا المعمر حسب ما أفاد به من عايشوه والتي ضمنها في النصيحة التالية: (حافظ على قلب هادئ، اجلس كالسلحفاة، امش بحيوية كالحمامة ونم مثل الكلب!)
وبعيداً عن السلاحف والحمام فنناقش في الأسطر التالية الابتكارات التي قد تسهم بالوصول بأعمارنا لخمس مئة عام ومنها:
إعادة كتابة الجينات: أو تعديل الشفرة الوراثية بشكل يسهم في الحفاظ على الصحة والشباب وإطالة الأعمار. ونجح فريق بحثي بمعهد كالفورنيا لأبحاث الحياة بقيادة العالمة (سينثيا كانيون) في إعادة كتابة الجينات الخاصة بأنواع من الديدان مما أسهم في إطالة أعمارها عشر مرات. وجار تطوير عقاقير وإجراء أبحاث لتطبيق هذه النتائج على البشر..
طباعة الأعضاء البشرية: باستخدام الطابعة ثلاثية الأبعاد أصبح بالإمكان طباعة أعضاء مختلفة من جسم الإنسان مثل الكبد والكلى واستبدال الأعضاء المريضة بها كما يحصل في استبدال القطع التالفة بجديدة في السيارات. وهذا العام نجح فريق علمي من جامعتي برينستون وجون هوبكينز في تطوير نموذج أولي لأذن خارجية عبر هذه التقنية.
الآلات النانوية: يصل حجم الآلة الواحدة من هذه الآلات إلى واحد على مئتي ألف ملم. تجري هذه الآلات في الجسم مع الدورة الدموية وتحتوي مختلف الأدوية وعند اكتشاف أي فيروسات أو خلايا مسرطنة فتقوم بمهاجمتها. وبدأ تطبيق هذه التقنية على البشر في مرحلة التجارب بجامعة طوكيو.
أعلم أن بعض القراء الكرام سيتساءل:"هل أنت متأكد؟ هل يمكننا إطالة أعمار البشر؟". أشير إلى أن معدل إعمار البشر ارتفع من (بين العشرين إلى الخمسة والثلاثين) في مطلع القرن التاسع عشر إلى (ما بين الأربعين والخمسين) بمطلع القرن العشرين إلى أن وصل حوالي الثمانين في أيامنا هذه في الدول المتقدمة حسب الدراسة المنشورة للعالم (جون ويلموث) من جامعة بيركلي عام 2010م. ويعود السبب وراء هذا بعد إرادة الله إلى التطور في العلوم الطبية ونقص الوفيات من المواليد نتيجة تطور البنية التحتية بشكل عام بكثير من الدول بالإضافة إلى قدرتنا على علاج أمراض كان يصعب علاجها في القرون الخالية.. وعليه فليس من المستحيل أن تصل أعمار أحفادنا مستقبلاً لخمسة قرون بمشيئة الله.
ومسك الختام بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم :"من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه".


 

محاضر محمد.. طبيب داوى جراح ماليزيا


 سياسي وطبيب جراح ماليزي، تولى منصب رئيس الوزراء بين عامي 1981 و2003. وُصف بالنمر الآسيوي ورائد النهضة الماليزية، وخفف كثيرا من جراح الماليزيين الاجتماعية والاقتصادية. حفر اسمه في تاريخ ماليزيا بعد أن حولها خلال عقدين من دولة زراعية إلى دولة صناعية صاعدة.
المولد والنشأة
ولد محاضر محمد يوم 20 يونيو/حزيران 1925 في ألور سيتار بولاية كيداه في ماليزيا، لأسرة والدها معلم مدرسة من أصول هندية، ووالدة ملايوية ربة بيت. اضطر لبيع فطائر الموز والوجبات الخفيفة لتوفير الدخل لأسرته إبان الحرب العالمية الثانية، وخلال الاحتلال الياباني لبلاده.
الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس، ثم في كلية السلطان عبد الحميد بمسقط رأسه. التحق بعدها بكلية الملك إدوارد السابع الطبية في سنغافورة (جامعة سنغافورة الوطنية حاليا) وتخرج فيها عام 1953. ثم عاد إلى مقاعد الدراسة في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأميركية عام 1967 ليتخصص في الشؤون الدولية.
التوجه الفكري
تبني محاضر التوجه الوطني الإسلامي، ورفض تأويلات الإسلام المعطلة لفعالية المسلمين وإنتاجيتهم وإبداعهم في الحياة، و رأى أن عمل المسلمين بتوجيهات القرآن الكريم من شأنه أن يجعلهم أغنى شعوب الأرض.
وقال "إذا كنا جميعا علماء دين فمن سيقوم بتصنيع الطائرات والصواريخ والسيارات وأدوات التكنولوجيا الحديثة؟"، مضيفا أنه "يجب أن يكن هناك علماء في التجارة وفي العلوم التقنية الحديثة وفي كل مجالات المعرفة، ولكن على أساس من التعاليم الإسلامية".
رفض كذلك التشدد واستعمال العنف باسم الدين واستباحة تعاليمه لتحقيق مصالح شخصية، معتبرا أن الجماعات "الإسلامية" التي تعتمد العنف تفاقم صعوبات دول إسلامية وتشوه الدين. وآمن بضرورة مصاحبة التطور الاقتصادي والمادي لبلاده للتمسك بالقيم الأخلاقية والاجتماعية.
انتقد محاضر نظام العولمة الغربي وما وصفه بـالدمار الأخلاقي، وحذر من أخطار تلك العولمة المهددة للثقافات المحلية، لأن التجارة تؤثر في الثقافة. ودعا لصياغة نظام اقتصادي ومالي عالمي جديد.
قال عنه عادل الجوجرى صاحب كتاب "مهاتير محمد... النمر الآسيوي من شاب متمرد إلى بطل إسلامي"، إن النضال بالعلم والتكنولوجيا هو الإنجاز الأكبر في تجربة محاضر محمد، موضحا أن الرجل بنى بلاده على القيم الإسلامية والحضارية بدون شعارات ودعاية سياسية.
الوظائف والمسؤوليات
بعد تخرجه عام 1953، عمل محاضر في حكومة بلاده التي كانت تحت الاحتلال البريطاني، وبعد استقلالها عام 1957 ترك الوظيفة وفتح عيادته الخاصة في مسقط رأيه ألور سيتار.
تولى عام 1968 منصب رئيس مجلس التعليم العالي، وعُين عضوا في المجلس الاستشاري التعليمي العالي عام 1972، ثم رئيسا لمجلس الجامعة الوطنية عام 1974، وفي العام الموالي عُين وزيرا للتعليم.
وفي 15 سبتمبر/أيلول 1978، عينه رئيس الوزراء حسين أون نائبا له ثم وزيرا للتجارة والصناعة. وعقب استقالة حسين أون، تولى محاضر في 16 يوليو/تموز 1981 رئاسة الوزراء.
التجربة السياسية
اهتم محاضر بحياة الناس الاجتماعية وكان أقرب إلى الفقراء، اختير لرئاسة جمعية الطلبة المسلمين في الكلية، ودخل عالم السياسة من بوابة حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة"، لكن نجمه بدأ في اللمعان مع انتخابه عضوا في البرلمان الاتحادي عن دائرة كوتا سيتار سيلاتان عام 1964.
أثار جدلا كبيرا عام 1970 بإصداره كتاب "معضلة الملايو" انتقد فيه بصراحة وقوة شعبه، ودعاه للعمل وإحداث ثورة صناعية. عُين عام 1973 عضوا في مجلس الشيوخ، غير أنه تنازل عن العضوية بالمجلس للمشاركة في الانتخابات البرلمانية 1974 وفاز بها. وفي العام الموالي انتخب مساعدا لرئيس حزب "منظمة الملايو الوطنية المتحدة" ثم نائبا له 1978 قبل أن يصبح رئيسا للحزب 1981.
في 16 يوليو/تموز 1981، تولى محاضر محمد منصب رئيس الوزراء بعدما استقال حسين أون لأسباب صحية، فبات صاحب قرار في البلاد يمكنه من تنزيل تصوره لتطوير بلاده، وما نادى به في كتابه.
أعطى الأولوية للتعليم والبحث العلمي في أجندته الحكومية فخصص له ميزانية كبيرة، واهتم بمحو الأمية وتعلم اللغات، وبالتدريب والتأهيل الحرفي والمهني، والبحث العلمي بإرسال نخبة من الطلبة الماليزيين للدراسة في الجامعات الأجنبية.
كما أدخلت الحكومة الماليزية في عهده الحاسب الآلي ووفرت شبكة الإنترنت في أغلب المدارس الماليزية، وأنشأت مدارس ذكية تتوفر على مواد دراسية تساعد طلابها على تطوير مهاراتهم بمواد متخصصة في شبكات الاتصال وأنظمة التصنيع، حيث تم إنشاء أكثر من أربعمائة معهد وكلية جامعية خاصة، وتقوية العلاقة بين مراكز البحوث والجامعات والقطاع الخاص.
أدخل محاضر بلاده -بإصلاحاته في التعليم ومناهجه وأهدافه- مرحلة التصنيع في التسعينيات، فأثبتت وجودها وباتت قادرة على المنافسة بأكثر من 15 ألف مشروع صناعي، واستقطاب استثمارات أجنبية كبيرة.
واستطاع خلال 22 عاما أن يحقق مكانة مشرفة لبلاده بين الدول الصاعدة بعدما ارتفع الاحتياطي النقدي من ثلاثة مليارات إلى ٩٨ مليارا، ووصل حجم الصادرات إلى ٢٠٠ مليار دولار. وبات قطاعا الصناعة والخدمات يساهمان بقرابة 90% من الناتج المحلي الإجمالي.
أعلن طواعية في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2003 تنازله عن السلطة واعتزاله السياسة وهو في سن الـ76وقال "وقتي انتهى، لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول 2003، لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد".
يعتبر محاضر أطول زعماء شرق آسيا المنتخبين بقاءً في السلطة وقد تعرض خلال حكمه لانتقادات كثيرة، أبرزها أنه نهج القمع السياسي والأسلوب القاسي والضغط على القضاة، وأن أسلوبه في الحكم حال دون ظهور من ينافسه، ووصل لدرجة الاعتقال حتى لزعماء حزبه فضلا عن تدمير مستقبل خصومه السياسيين، وأبرزهم أنور إبراهيم الذي كان نائبا له.
عُرف محاضر بموقفه القوي من الاحتلال الإسرائيلي الذي يصفه بالكيان الإرهابي، وانتقد اللوبي اليهودي ودوره في القرار الدولي، واتهمه -في مؤتمر منظمة المؤتمر الإسلامي عام 2004- بإشعال نيران الحرب ضد المسلمين. يُحسب له موقفه المتضامن مع المقاومة الفلسطينية ومعارضته لحصار قطاع غزة، ومشاركته في حملة دولية لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين.
الجوائز والأوسمة
حصل على أوسمة وألقاب عديدة، أبرزها لقب "تون" وهو أعلى تكريم لشخصية مدنية في ماليزيا.
المؤلفات
شارك محاضر محمد في مئات الندوات والمحاضرات، وألف عددا من الكتب منها كتاب "معضلة الملايو"، و"التحدي"، و"تحديات الاضطراب"، و"العولمة والواقع الجديد".


 

أطفال أوجعوا ضمير العالم

 
لحظات في تاريخ الإنسانية لا يمكن أن ينساها البشر لصعوبتها ومأسويتها؛ فما بالك لو كانت مرتبطة بأطفال لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم ولدوا في أزمنة وبلدان تعاني من حروب وأزمات ولا تجد من ينجدها.
لعب الأطفال على مر التاريخ دورًا مهما في التأثير على ضمير العالم، وكان آخرهم الطفل السوري إيلان كردي ذو الـ3 سنوات، الذي لقي مصرعه غريقًا في البحر، ورمى الموج جثته على شواطئ تركيا أثناء هروبه مع أسرته في زورق من نار الحرب السورية إلى تركيا.
احتلت صورة الطفل السوري الغريق أغلفة غالبية صحف العالم، وتصدر اسمه مواقع البحث وأعادت قصته الأزمة السورية إلى موقع الصدارة من جديد بعدما تناسها العالم، وترك الشعب السوري خلال الـ4 سنوات الماضية يواجه الغرق والرصاص والقنابل وحده دون مغيث إلا الله.
وإن كان الحال السوري مأساويا فإن الأوضاع في فلسطين لا تقل ألماً؛ والتي جسدها الطفل "محمد الدرة" الذي استشهد في الثلاثين من شهر سبتمبر عام 2000 برصاص الاحتلال الإسرائيلي في غزة  أثناء احتمائه بوالده من بطش العدو الصهيوني.
هز مشهد مقتل الطفل محمد الدرة العالم الصامت علي انتهاكات إسرائيل التي قتلت الطفل وتركته جثة هامدة علي ساق أبيه رغم محاولاته المستمرة الإشارة إلى جنود الاحتلال بعدم إطلاق النار على مواطنين سلميين، صوَّر هذا المشهد مصور فرنسي اسمه شارل اندرلان كان يعمل وقتها كمراسل بقناة فرنسا 2.
تسببت الطفلة "كيم" في وقف حرب فيتنام والتي نالت شهرة عالمية بسبب الصورة التي تم التقاطها لها أثناء ركضها عارية في 8 يونيو 1972 في قرية ترانج بانج الفيتنامية بعد احتراق جسدها من الخلف بفعل نابلم القوات الفيتنامية الجنوبية.
ودعت أمريكا في ذكرى حرب فيتنام عام 1996 "كيم"  لإلقاء خطاب أكدت فيه أننا لا نستطيع أن نغير الماضي ولكن نستطيع أن نعمل جميعاً من أجل مستقبل يعمّه السلام، لافتة إلى أن جسدها يحمل العديد من الآثار وآلام شديدة في معظم الأيام ولكن قلبها مازال صافياً.
وأسست كيم فيما بعد جمعية "كيم لمساعدة الأطفال من ضحايا الحروب" كما تم اختيارها سفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة.
وفي ألمانيا لم ينس العالم الصورة التي تم التقاطها أثناء محاولة جندي من ألمانيا الشرقية مساعدة طفل صغير على اجتياز جدار برلين الذي شيدته سلطات جمهورية ألمانيا الديمقراطية‏-‏ الشرقية سابقا‏-‏ عام‏1961‏ وقسم المدينة لمدة ‏28‏ عاما بين شطر غربي رأسمالي وآخر شرقي اشتراكي‏.
وظهرت على الطفل علامات البؤس في حين بدا على الجندي علامات الخوف الشديد من مساعدة الطفل انصياعا لأوامر قيادته الذين أصدروا أوامر مشددة بعدم السماح لأى أحد باجتياز ذلك الجدار.
وكان 136 ألمانيا شرقيا علي الأقل قتلوا وهم يحاولون اجتياز الجدار, الذي هُدم  يوم التاسع من نوفمبر عام 1989.
وهل يستطيع أحد أن يقدم تفسيراً منطقياً يقبله عقل في قتل رضيع حرقاً عمره 18 شهراً؟ وكيف لكلمات أن تعبر عن جريمة أدانها العدو قبل الصديق. لا أحد يستطيع أن يجادل في استشهاد الطفل الرضيع علي دوابشة، إضافة إلى إصابة أفراد عائلته بحروق شديدة؛ لأن من نفذوها قطعاً ليسوا من بني البشر.
مستوطنون يهود نازيون تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي أشعلوا النار في منزل "علي"، بينما كانت أسرته نائمة في قرية كفر دوما بنابلس، فجر أمس الجمعة، وأدى الحريق لاستشهاد الطفل الرضيع وإصابة أفراد عائلته.. توفى علي دوابشة ليعرف الموت قبل الحياة.
جريمة إحراق "علي" تعيد للذاكرة إحراق الفتى الفلسطيني محمد أبوخضير فى الرابعة عشرة من عمره في يوليو من العام الماضي، وقبله قُتل محمد الدرة أمام حاجز عسكري إسرائيلي وسط قطاع غزة، في 30 سبتمبر عام 2000، والتقط المشهد بالفيديو وأظهر الطفل وهو يحتمي في حضن والده خلف برميل اسمنتي، وبعد نحيب وصراخ لدقيقة تمدد محمد جثة هامدة برصاص جيش الاحتلال.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق