هذا الطاعون ، لماذا لا نعزله ؟
أحمد الحباسى تونس
القرضاوى ، المؤسسة الدينية الوهابية ، بعض عقول الفضائيات التكفيرية ، ألسنة السوء الدينية ، الجماعات الإرهابية السلفية ، القاعدة و ما ” جاورها” ، الكتب الداعية للكراهية و الطائفية ، هذا هو الطاعون الذي تعانى منه الأمة بعد أن فقدت طاعونا آخر أو بعضا منه متمثلا في عملاء الإدارة الأمريكية من حسنى مبارك إلى زين العابدين بن على ، طاعون دموي و خطر مرعب يتزايد و يتصاعد كل يوم ، أولا ، لان “الربيع العربي” قد ترك دولا عربية بلا بوليس سياسي قادر على حماية الأمن الاجتماعي بعد أن سارعت حكومات الإخوان إلى إحراق المؤسسات الأمنية “الرقابية” و معها كل الملفات التي تختزل كل جرائمهم و هوياتهم ، ثانيا ، لان المال النفطي الخليجي الغزير هو الذي يمول ترسانة الأسلحة و الأفكار و ألسنة الفضائيات و مروجي الدعايات للفكر السلفي الإرهابي ، ثالثا ، لان هناك تشابك مصالح بين المشروع السلفي الإرهابي و المشروع الصهيوني الناشر للفوضى الخلاقة على الطريقة الأمريكية ، رابعا ، لان هناك دولا عربية ترفض انتشار الديمقراطية بمعانيها الكونية تحت أي مسمى و من مصلحتها أن ينتشر بدلها الفكر الوهابي الداعي للجهاد و نشر ثقافة الانقسام.
شخصيا ، لا أحبذ الديكتاتورية فكرا و ممارسة ، لكن من المؤكد أن ظاهرة الطاعون الإرهابي بكل أشكاله السالفة الذكر تدعوني اليوم إلى إعادة النظر في موقفي بحيث أطالب بسياسة دكتاتورية عربية رسمية و شعبية شاملة أساسها القضاء على الإرهاب و فكر الإرهاب للتخلص منه بكل الوسائل الشرعية و الغير الشرعية و دون مراعاة للشرائع السماوية أو القوانين الوضعية أو حتى الأخلاق العربية الأصيلة ، و كما أنه هناك في الطرف المعادى للأمة العربية ما يسمى بإعلام الكراهية و نشر ثقافة الفتنة ، إعلام لا يقيم وزنا لأي من القيم الإسلامية و الأخلاقية فلا بد من ثقافة إعلامية جديدة تقوم على نشر ثقافة كراهية الإرهاب يكلف بالتخطيط لها و إعدادها ثلة من الخبراء العرب ، و لا بد من عزل هذا الطاعون بسن قوانين رادعة ناجزه لا مراعاة فيها لأي حقوق إلا حقوق الطرف العربي المتضرر سواء في مصيره أو تاريخه أو حريته أو حرمته الجسدية .
أيضا علينا التفكير جيدا في عزل هؤلاء المعتقلين و كل من يعود من أراضى ” الجهاد” و التفرقة في معاملتهم و حرمانهم من الشغل و الاختلاط ، و قبل ذلك عزلهم عن الدراسة، و إذا كان الأمريكان قد عزلوا هؤلاء الإرهابيين في معتقلات سرية و خاصة في معتقل قوانتنامو الشهير فلا بد من البحث عن مكان آمن يحشد إليه هؤلاء القتلة أو نقلهم إلى معتقلات صحراوية يمنع فيها الزيارات على اعتبار أن الإرهاب هو طاعون بلا جنسية ليس له حق المواطنة و لا حرية الانتقال و التنقل ، ثم الانتقال إلى المراحل اللاحقة المتمثلة في إنكار وجودهم داخل هذه المعتقلات أصلا و منع كل منظمات حقوق الإنسان عن زيارتهم و الاطلاع على أحوالهم ، و حتى في حالة الموت فيجب أن لا يدفن هؤلاء في مقابر المسلمين و أن لا يصلى عليهم .
نعم لقد اختار الإرهاب طريقه و هويته و مشروعه و من ينتمون إليه ، و الظاهر أن الشعوب العربية لم تستطع إلى حد الآن أخذ زمام المبادرة باختيار طريقها و كيفية مواجهتها لهذا الطاعون و اتخاذ ما يلزم من التدابير للقضاء عليه ، بل لنقل أن هذه الشعوب ما زالت لم تحسم أمرها و الحال أن هذا الطاعون المميت يدق أبوابها بل هو في داخل أراضيها تحت شعار “الجهاد” المفلس ، فهل هناك مجال بعد كل ما يحصل في العراق و في سوريا و في كثير من البلدان العربية الأخرى أن نبحث عن التصالح مع هذه السموم القاتلة ، و إذا كان القرضاوى و من يتبعه من نفس الأفكار السامة لم يتبع إلى حد الآن طريق الهدى رغم كل الدماء و المآسي الإنسانية و إذا كانت الحكومات الخليجية لا تنقطع عن التمويل و التسليح و تكوين الجماعات الإرهابية لإرسالها إلى الساحات العربية لتدمير كل شيء “حي ” حتى لو كان نحتا إبداعيا ، فمن واجب العرب الاجتماع على فكرة واضحة واحدة ندعو إلى مجابهة الإرهاب بطريقة تجعله منبوذا و مطاردا و معتقلا بلا حقوق و لا هوية.
يعتبر الانحراف الفكري الذي يصل حد الإرهاب أخطر ما يهدد البشرية ، و الإرهاب كمفهوم و كعقيدة ذهنية و كمشروع أمر على غاية من الخطورة يستدعى كثيرا من التأمل حول هذه الظاهرة المرعبة ، و الذين يزعمون أن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة هذا الطاعون المتعدد الأطراف و الإشكال واهمون لان الحوار هو آخر الحلول مع هؤلاء القتلة و ليس أول الحلول ، بداية يجب التعامل مع الظاهرة بشدة و قسوة تصل إلى حد العزل الإجتماعى ، و الحوار لن يكون في آخر الأمر إلا مقابل تسليم هذه الجماعات الإرهابية بسلطة الدولة و بحقها في انتزاع جنسيتها منهم و اعتقالهم دون محاكمات لمجرد التلبس بحمل السلاح و استعماله ، و حتى حالات الاستسلام لسلطة الدولة فيجب أن تعالج حالة بحالة و أن تبقى عيون السلطة الأمنية في حالة متابعة دائمة مع تفويضها كل السلطات للإيقاف و العزل في المحتشدات و اتخاذ كل الإجراءات الرادعة التي تكفل حق المواطن العربي في العيش بسلام داخل الأراضي العربية .
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق