الاستحقاق الرئاسي بين أوهام “جمهورية” معراب
وسذاجة جمهور الاعتراض
حسن عماشا
منذ ان اعلن عن نية ترشح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية، وحتى اليوم موعد الاعلان الرسمي عن ترشحه. استشاط غضبا جمهور عريض من الشعب اللبناني مستذكرا التاريخ الاجرامي لجعجع ومركزا على إحدى أبرز جرائمه وهي اغتيال الرئيس رشيد كرامي.
بداية:لا يبدو ان سمير جعجع يتعلم من التجربة وهو مستمر في رسم خياراته بما تنتجه تخيلاته من تصورات لا تمت للواقع الموضوعي بأي صلة. فسلسلة الهزائم التي مني بها في تاريخه لم تعلمه شيئاً. من حرب الجبل عام 1982 ومن ثم شرق صيدا عام 85 وصولا الى حرب السيطرة على مناطق المسيحيين عامي 88و 89 . فجعجع الذي كان يقرأ الواقع من خلال مناطق سيطرته ونفوذه والذي تقلص الى حدود قصره في معراب لا يبدو انه ينظر الى ابعد من حيث يقف حرسه الخاص على مداخل القصر.
وهو لا يرى ان وصوله لسدة الرئاسة يحتاج لأكثر من “اجتياح إسرائيلي” يسيطر على بيروت ومعظم المناطق اللبنانية، وحلف اطلسي يتموضع في المفاصل الرئيسية والمعابر التي تحكم السيطرة من خلالها على لبنان. وان تكون سوريا وحلفائها في حالة هزيمة يتحسسون رؤوسهم آملين الابقاء عليها.
لسنا مضطرين هنا لأن نستعيد تلك الحقب وحيثياتها والدروس والعبر التي استخلصت منها . نكتفي بالإشارة اليها فقط لنظهر الى اي مدى ينساق هذا الواهم خلف خيالاته.
من جهةاخرى لقد تركزت ردود الفعل الرافضة لترشيحه على تظهير التاريخ الاجرامي لجعجع متجاهلة ان اقران جعجع من رموز الحرب الأهلية في كافة المناطق ومن كافة الطوائف لا تقل عنه افعالا اجرامية وبعضها تربع على عروش الزعامة واحتل مناصب كبيرة في السلطة السياسية ولا زال.
فان كان الاعتراض على هذه الخلفية في ظاهره سذاجة سياسية فهو في باطنه يكشف عن عصبية طائفية – سياسية لدى جمهور المعترضين.
ان الخطورة في ترشح جعجع لرئاسة الجمهورية لا تكمن في التاريخ الاجرامي الذي يشاطره إياه العديد من الزعماء السياسيين. الا ان هؤلاء قد تبدلت أوضاعهم ذلك لانهم حققوا اهدافهم بقدر كبير واصبحوا يتسمون بشيء من العقلانية التي تحفظ الحد الأدنى من الاستقرار في الأمن الاجتماعي. وبدلوا في خياراتهم وادواتهم فضلا عن كونهم لم يكونوا في تاريخهم مغامرين عبثيين .
على عكس المدعو سمير جعجع فهو لم يبدل خياراته ولا طبيعة ارتباطاته وهو حاضر دائما للخوض في مغامرات جديدة لو اتيح له ذلك ولو بإشارة من سفارة. مما يدخل البلاد في اتون حرب اهلية جديدة.
فهو وحده يقرأ بعض التحولات في الخيارات السياسية-الوطنية التي طرأت على بنى سياسية – اجتماعية (المقصود هنا التحول في البنية السياسية للطائفة السنية) تراصفا خلف خياراته الفكرية والسياسية (!!!).
في ظل موازين القوى النيابية ليست حظوظ جعجع كبيرة لنيل الأصوات التي تؤهله لرئاسة الجمهورية . حتى ممن هم حلفاء له في فريق “14 آذار” اذ يرون فيه وبما يمثل مجرد تابع وملحق بهم حاضرون دوما للمساومة عليه لقاء كسب مودة وتقبل من قبل الفريق المناوئ لهم في ظل مسار الأحداث في المنطقة والتي هي تسير على غير ما كانوا يأملون وبدا هذا المسار جليا في تراجعهم عن كل شعاراتهم الاقصائية تجاه حزب الله وحلفائه.
وجعجع الذي يظن انه يحرج حلفائه بإعلانه ترشحه فهو بوهمه هذا اعطاهم الحجة لإحراق ورقته في اول جلسة تفاهم على الاستحقاق الرئاسي.
خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق