الجمعة، 9 مايو 2014

دلالات انتخابات بيرزيت

دلالات انتخابات بيرزيت

 
كتب غازي مرتجى
في بداية عملي الطلابي كنت استغرب تدخّل شخصيات بعُمر "أجدادي" في تفاصيل العمل الطلابي مهما كان سخيفاً .. لكن وبعد ترك العمل الطلابي لفترة طويلة تجدني من أوائل المهتمين بمعرفة أخبار الانتخابات ونتائجها وكيفية سير الأحداث .. وكل تفاصيل العملية الانتخابية , فالعمل الطلابي يسري في "الدم" حتى يجف .. !

في انتخابات جامعة بيرزيت التي انتهت ليلة الاربعاء باعلان فوز حركة شبيبة فتح تليها مباشرة وبفارق مقاعد بسيط الكتلة الاسلامية ومن ثم القطب الطلابي - الجبهة الشعبية- كانت المنافسة شديدة للغاية والمتتبع لطبيعة توزيع الأصوات يعرف تماماً شكل الخريطة الانتخابية القادمة خاصة وأنت تتحدث عن أعرق الجامعات الفلسطينية والتي بدأت فيها باكورة العمل الطلابي الحقيقي , وتاريخياً تعتبر نتائج انتخابات جامعة بيرزيت -لانها تضم الصفوة- مؤشر غاية في الدقة لطبيعة اي انتخابات عامة بمختلف تشكيلاتها النقابية او البرلمانية او الرئاسية حتى ..

منذ سنوات تنجح الشبيبة الفتحاوية بأعلى المقاعد لكنها تفشل في تشكيل مجلس الطلبة وما أدلّ على طبيعة "عدم رضا" الطلبة على فشل الشبيبة بتشكيل مجلسها إلا نتائج الكليات -الهندسة والآداب والتجارة- والتي فازت بها الكتلة الاسلامية , وفي تلك الصناديق توجد أصوات الطلبة القدامى ممن شهدوا انتخابات سابقة , وفازت الشبيبة بفارق كبير -وهو من حسم النتيجة النهائية- في الكليات التي يصوّت فيها الطلبة للمرة الأولى بتاريخ دراستهم الجامعية .

نتائج الانتخابات النهائية تجعل من القطب الطلابي -الشعبية- بيضة القبّان , بل لن يتمكّن أي إطار -الشبيبة او الكتلة- من تشكيل مجلس طلبة دون رضاهم وموافقتهم , وهنا تكمن براعة المفاوضات وتقديم القرابين لنيل رضا القطب الطلابي .

لو كنت مكان الأطر الطلابية في بيرزيت ولأنها الجامعة التي أبدعت في العمل الطلابي دوماً وأرست مفاهيم الديمقراطية الطلابية على مدار أعوام لقمت بالدعوة لتشكيل مجلس طلبة موحّد من الشبيبة والكتلة والقطب .. وسيكون نموذج تشكيل مجلس الطلبة الموحّد نموذجاً مستحدثاً في طبيعة التنافس الديمقراطي الفلسطيني على عمومه ولأثبتت الأطر الطلابية للساسة بمختلف توجهاتهم أن دفّة المركب لا تزال بيد الشباب ولا يُمكن تجاوز الحركة الطلابية في أي معترك قادم أياً كان شكله ..

في حال فشل المقترح السابق , الشبيبة لم تتمكن من حسم نصف المقاعد وهو ما سيضطرها للتحالف مع القطب وبحكم تجربتي الطلابية التحالف مع حماس أقرب للشبيبة من التحالف مع القطب الطلابي لعدّة اسباب يعرفها المعنيين فقط , وباعتقادي القطب الطلابي سيجلس من الآن فصاعداً واضعاً يديه في ماء بارد ليتلقّى العروض من الكتلة الاسلامية ومن الشبيبة فتحالفه مع احد الطرفين يعني تمكنه من تشكيل المجلس .. لا تتم المفاوضات على المستوى الطلابي فقط وتنتقل إلى المستوى السياسي لتبدأ مفاوضات شاقة تتداخل فيها المواقف السياسية والمطالب التنظيمية والأهداف الشخصية .. 

ويبقى العمل الطلاّبي الواجهة الحقيقية للديمقراطية الفلسطينية التي ما إن فشلت بها الأطر الطلابية فهي دلالة واضحة على فشل الأطر السياسية كافة في أي عرس ديمقراطي قادم ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق