هل الوهابية تمثل صحيح الإسلام ؟؟!
20/12/2015 [ 10:49 ]
الإضافة بتاريخ:
عبدالله أبو شرخ
ليس هذا المقال في التاريخ الديني أو السياسي للحركة الوهابية، ذلك أن من رغب في معرفة بداية انطلاق الحركة في الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب أن يدخل إلى وكيبيديا ليقرأ معلومات متفرقة تقول ويكيبيديا نفسها أن المعلومات الواردة فيها هي محل خلاف !
الفقه والتأويل وفهم النصوص هي مواضيع هذا المقال. لابد من الإشارة بداءة أن المرجع الفقهي للحركة الوهابية هو فقه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، المستند للإمام أحمد بن حنبل، ورغم ذلك فإن الوهابيين قد حذفوا من التاريخ الإسلامي ومن فقه ابن تيمية نفسه بما يتلاءم وتوجهاتهم، من رفض الشرك والتوسل أو التضرع للأولياء والصالحين. ومما يميز الوهابيين أنهم كفّروا أئمة الشيعة الإمامية وأكثر الصوفية. ولم يقف خلاف الوهابيون مع الشيعة الإمامية والمتصوفة بل ومع أتباع المذاهب الأربعة الأساسية في الفقه الإسلامي كالشافعي ومالك وأبو حنيفة، الأمر الذي جعل الفقه الوهابي محل انتقاد الكثير من علماء الإسلام ومنهم ( أو في مقدمتهم ) سليمان بن عبد الوهاب " أخو محمد بن عبد الوهاب " في كتابه الشهير إلى حسن بن عيدان، وكان الكتاب بدون عنوان حسبما تورد الويكيبيديا، إلا أنه طبع بعد ذلك تحت عناوين متعددة، منها ( الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ) أو ( فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب ) أو ( فتنة الوهابية ) و ( الدرر السنية في الرد على الوهابية ) ونحو ذلك، وهو ما يؤكد أن عامة المسلمين لم يقبلوا بصفة عامة، هدم ضرائح الأنبياء والصديقين والأولياء وبضمنهم هدم ما تبقى من قبور لآل البيت، حتى أن تنظيم داعش يهدد بهدم قبر الرسول محمد – ص – نفسه !
الوهابيون ضيقوا حياة الناس في السعودية كونهم يطبقون الشريعة على عامة الناس ولا يفعلون الشيء نفسه مع أمراء آل سعود، وهو قضية متفق عليها منذ بداية الحركة حيث تحالف الوهابيون مع الأمير محمد بن سعود على اقتسام السلطة وغنائمها، بل إن الضيق والجدل والتفكير والقتل قد امتد ليشمل جميع البلاد الإسلامية، ونشير مثلاً إلى جهاد المساجد في باكستان، حيث يدخل الانتحاريون الوهابيون مساجد الشيعة، أو نشير مثلاً إلى قتل أكثر من مليون ونصف عراقي بمفخخات تنظيم القاعدة. وعودٌ على بدء، فإن ما يأتي من سطور، سوف نناقش الفقه ( أو الفهم ) الوهابي لبعض المسائل التي تهم حياة الناس ومعاشهم، وكيف أنهم قد خالفوا مذاهباً أصيلة في الفقه الإسلامي كفقه أبي حنيفة مثالا لا حصراً.
1- الوهابيون والفنون الجميلة
لم يبق فن من فنون الإبداع البشري إلا وحرمه الوهابيون على المسلمين، ابتداءا من الموسيقى التي اعتبروها " مزامير الشيطان " إلى الغناء والرسم والنحت، ومع امتلاك الوهابيون للثروات النفطية، فقد نشروا ثقافتهم وفتاويهم من خلال مساجد تابعة لهم نشروها في أرجاء العالم الإسلامي، بل لقد تدخل الوهابيون في صياغة مناهج التربية الإسلامية في البلاد السنية، فنجد كتاب الصف الخامس الابتدائي للسلطة الفلسطينية يحتوي على سؤال ( لماذا رفضت أم حبيبة أن تجلس أباها على فراش رسول الله ؟ ) والإجابة لأنه كان كافراً .. أو نقرأ سؤالاً في مسابقات ثقافية مثل ( من الصحابي الجليل الذي قتل أباه لأنه كافر ؟! ) والإجابة هي أبو عبيدة بن الجراح. بصراحة أنا لا أعتبر هذه الثقافة من الإسلام، لأن الأصل القرآني يقول ( وبالوالدين إحساناً ) وليس زجراً أو عسفاً أو قتلاً .. هم اختاروا وانتقوا وزيفوا حتى جعلوا من الإسلام دين كراهية وعنصرية، علماً بأن الإسلام كعقيدة، ينافي الإجرام ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) !
2- الوهابيون وتحريم المشروبات الروحية
ينقسم الفقه الإسلامي في هذه المسألة إلى فقهين أساسيين، هما فقه الحجاز وفقه العراق، أما فقه الحجاز التابع للحنابلة فقد حرموا الخمر استناداً إلى السنة وليس إلى نصوص القرآن، حيث إن النصوص الواردة في القرآن غير قطعية الدلالة، أقواها على الإطلاق ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجزٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه )، وهو نص لا يرقى لتحريم قطعي مثل قوله تعالى ( حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ) فضلاً عن أنه لا يخص الخمر وحدها .. الاجتناب هنا وحسب علماء اللغة هو نهي وليس تحريم قطعي، ولكن الوهابيين يستندون على أحاديث ضعيفة أو غير متفق عليها مثل ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، فالتحريم هنا نابع من كون أن الكثير مسكر، فلماذا إذن تحريم القليل إذا كان لا يسكر ؟؟! المهم أن أبا حنيفة ( فقه العراق )، وحسب تفسير ابن كثير، لجأ للمعنى الحرفي لكلمة الخمر في الآية السابقة، حيث وعند نزول الآية، لم يكن معروفاً في مكة والمدينة سوى نوعين من المسكرات هما ماء العنب وماء الشعير، فنهى عنهما، ولكنه أباح تناول كميات قليلة من نبيذ الرطب والتفاح وباقي الفواكه، وعلينا ألا نصاب بدهشة إذا وجدنا مسلمين في العراق والمغرب العربي يشربون قدحاً من النبيذ كفاتح للشهية حتى على مائدة إفطار رمضانية !
3- الوهابيون وتحريم مظاهر الفرح والبهجة
لا يقتصر تحريم الوهابيين للفنون الجميلة كالعزف والغناء والرسم والنحت والمسرح، أو على تحريم المشروبات الروحية أو شرب القليل منها كما يفعل المسيحيون، بل امتد التحريم ليشمل تدمير التراث الإنساني للحضارات السابقة بما فيها الإسلامية، وكذلك تحريم إقامة الحفلات في الأعياد والمناسبات السعيدة، أو حتى الغناء في حفلات الزواج، علماً بأن كل ما لدى الوهابيين من تراث فيما يخص تحريم الغناء، هو مجرد تأويل لابن مسعود عن معنى " لهو الحديث "، واللهو هنا لا يرقى لأي تحريم، بل إن النبي نفسه وبعد الهجرة إلى يثرب، كان يحث الصحابة على مشاركة الأنصار أفراحهم قائلاً ( ما كان معكم من اللهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو ).
4- فتاواهم الغريبة
للإجابة على سؤال ( أين تدفن امرأة مسيحية حامل علماً أن زوجها مسلم ؟؟! ) .. تخيلوا يا رعاكم الله كيف أن الأمم الأخرى قد اقتحمت الفضاء وزرعت الأعضاء وابتكرت وسائل الاتصال والتواصل، خلاف الحواسيب واكتشاف الشفرات الجينية، بينما علماؤنا مختلفون وتستبد بهم الحيرة حول مكان دفن امرأة ميتة ؟؟! هل تريدون الإجابة بالتفصيل ؟! حسناً، هاكم ما ورد في مركز الفتوى التابع للمملكة السعودية ((فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في حكم دفن الكتابية إذا كانت تحت مسلم فماتت وهي حبلى منه، فقال بعضهم: تدفن في مقابر المشركين لكفرها.
ومنهم من يقول: تدفن في مقابر المسلمين لأن الولد الذي في بطنها مسلم.
ومنهم من يقول: يتخذ لها قبر على حدة، وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء، واختاره أحمد، قال: لأنها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين، فيتأذوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفار، لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم.
وقال صاحب المقنع: وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها، ويجعل ظهرها إلى القبلة، وقال في حاشيته تعليلاً لذلك: لأنها كافرة، فلا تدفن في مقبرة المسلمين، وولدها محكوم بإسلامه، فلا يدفن بين الكفار. وهذا القول هو الصواب إن شاء الله.
والله أعلم. )) .. سأترك التعليق لخيال القاريء / ة الكريم / ة . من فتاواهم فتوى " بول الإبل للعلاج "، مضاجعة الزوجة الميتة فيما أسموه " نكاح الوداع " وكذلك فتوى " إرضاع الكبير " !
ماذا نفهم من قولهم ( هناك من رأى وهناك من قال ) ؟؟ ألا يعني هذا أن الأمر برمته اجتهادات بشرية يجوز فيها لغيرهم ما يجوز لهم ؟؟! لماذا احتكروا فهم واحد للدين وقتلوا وكفروا وأحرقوا كل ما عداه ؟؟!
5- الراسخون في العلم والتأويل
القرآن الكريم بالرسم العثماني المعروف حالياً، فرضه الخليفة عثمان بن عفان على الأقاليم الستة التي كانت تحت حكمه، لكن وحتى النسخة التي وزعها الخليفة الثالث – ر – لم تكن مُشكّلة ( من التشكيل ) أو منقطة، فقد تم التنقيط أولا ثم التشكيل في العصر العباسي. الآية الكريمة محل الخلاف مع الوهابية هي (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب )). الوهابيون قالوا بأن لفظ الجلالة يجب أن يكون متبوعاً بوقف لازم .. أي أن الله تعالى هو وحده من يعلم تأويل الآيات. هذه مجرد وجهة نظر أحمد بن حنبل والغزالي من بعده، أما الفيلسوف ابن رشد فرفض تأويلهم قائلاً ( إذا كان الله وحده هو من يعلم تأويل المتشابه من القرآن، فكيف سيفهم المسلمون كلام الله ومعانيه على مر العصور ؟! ثم إن الراسخين في العلم عادة ما يطالبون بالبرهان والدليل العقلي ولا يقولون " آمنا " كعامة الناس، ثم لماذا هم راسخون في العلم إذا كانوا محرومون من التفقه والتدبر والتأويل ؟؟! خلاصة القول أن الوهابيين كفروا ابن رشد ( كما كفروا جميع الآخرين ) ولم يأخذوا باجتهاده، بينما انحاز له جميع فلاسفة أوروبا في عصر التنوير !
6- الحجاب
لم يبق لدينا مجمع ديني أو لغوي أو ثقافي عربي، لم يناقش باستفاضة موضوعة الحجاب طوال القرن المنصرم، وهل هو غطاء للبدن أم للرأس .. الحجاب " أياً كان مفهوم وتعريف الحجاب " فرض على نساء المؤمنين، أي للمرأة الحرة، أما الأمة أو الجارية فعورتها كعورة الرجل ( من السرة للركبة )، وبالتالي يفهم أن الحجاب كان مجرد علامة لنساء الأحرار تميزهم عن نساء العبيد. (( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ))، لم يقل رب العزة أن غير الملتزمة بالحجاب كافرة يشهر بها أو ترشق بماء النار أو حمض النيتريك !
7- الوهابيون والعلم
لا يؤمن الوهابيون بكروية الأرض أو بدروانها، وفي ذلك فتوى شيخ الوهابية بن باز في 1979 التي تقضي بتكفير من يقول بكروية الأرض. الوهابيون هو أشرس اعتداء على العقل والإرادة الإنسانية منذ بدايات الإسلام.
8- تكفيرهم للآخرين
ليس موضوع هذا المقال هو تكفير ابن تيمية للطوائف الإسلامية الأخرى، والكتفير عادة ما يكون متبوعاً بفتاوى القتل والتنكيل. أورد فقط فتوى ابن تيمية في الدروز، وقل مثل ذلك في أهل الكتاب والشيعة والصابئة واليزيديين. عندما سئل ابن تيمية عن رأيه في الدروز أجاب ((كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين، بل هم الكفرة الضالون، فلا يباح أكل طعامهم وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم، بل يقتلون أينما ثقفوا ويلعنون كما وصفوا، ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ، ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم، ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشييع جنائزهم إذا علم موتها، ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم لا المقام عليه، والله المستعان وعليه التكلان. ))، وللقاريء أن يتخيل كيف يكون حال بلد متعدد الطوائف مثل العراق أو لبنان أو فلسطين.
الخلاصة:
لقد أشغل الوهابيون شعوبنا بتحريم ما سمحت النصوص بتأويله، ولم يبق للمسلمين إلا فهم المتطرفين والمتزمتين والغلاة، أما فلاسفة المعتزلة وأئمة العقل فقد تم إغلاق باب الاجتهاد في وجوههم، والنتيجة هي ما نراه من انحطاط حضاري وتخلف ثقافي، وفجوة علمية مع الأمم الأخرى، فجوة مهولة تتسع كل يوم بل كل ساعة وكل دقيقة، العالم أمام أعيننا يبتكر ويخترع ويطور ويتقدم ويحقق منجزات لخدمة البشرية، بينما نحن غارقون في الجهل والسخافات والشعوذات، ومحرومون بقوة السيف ( أو السيفين ؟ ) من حرية الضمير وحرية العقل وحرية التفكير، فهل هذا هو ما نص عليه القرآن بصريح العبارة (( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) ؟؟!
هل حرمان العلماء والفلاسفة من التفكر والتدبر والاجتهاد بقوة التفخيخ والتفجير والتقطيع والتحريق والتغريق والتفعيص هو صحيح الإسلام ؟؟!
نكتة الموسم: السعودية تحارب الإرهاب !!!
الفقه والتأويل وفهم النصوص هي مواضيع هذا المقال. لابد من الإشارة بداءة أن المرجع الفقهي للحركة الوهابية هو فقه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، المستند للإمام أحمد بن حنبل، ورغم ذلك فإن الوهابيين قد حذفوا من التاريخ الإسلامي ومن فقه ابن تيمية نفسه بما يتلاءم وتوجهاتهم، من رفض الشرك والتوسل أو التضرع للأولياء والصالحين. ومما يميز الوهابيين أنهم كفّروا أئمة الشيعة الإمامية وأكثر الصوفية. ولم يقف خلاف الوهابيون مع الشيعة الإمامية والمتصوفة بل ومع أتباع المذاهب الأربعة الأساسية في الفقه الإسلامي كالشافعي ومالك وأبو حنيفة، الأمر الذي جعل الفقه الوهابي محل انتقاد الكثير من علماء الإسلام ومنهم ( أو في مقدمتهم ) سليمان بن عبد الوهاب " أخو محمد بن عبد الوهاب " في كتابه الشهير إلى حسن بن عيدان، وكان الكتاب بدون عنوان حسبما تورد الويكيبيديا، إلا أنه طبع بعد ذلك تحت عناوين متعددة، منها ( الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ) أو ( فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب ) أو ( فتنة الوهابية ) و ( الدرر السنية في الرد على الوهابية ) ونحو ذلك، وهو ما يؤكد أن عامة المسلمين لم يقبلوا بصفة عامة، هدم ضرائح الأنبياء والصديقين والأولياء وبضمنهم هدم ما تبقى من قبور لآل البيت، حتى أن تنظيم داعش يهدد بهدم قبر الرسول محمد – ص – نفسه !
الوهابيون ضيقوا حياة الناس في السعودية كونهم يطبقون الشريعة على عامة الناس ولا يفعلون الشيء نفسه مع أمراء آل سعود، وهو قضية متفق عليها منذ بداية الحركة حيث تحالف الوهابيون مع الأمير محمد بن سعود على اقتسام السلطة وغنائمها، بل إن الضيق والجدل والتفكير والقتل قد امتد ليشمل جميع البلاد الإسلامية، ونشير مثلاً إلى جهاد المساجد في باكستان، حيث يدخل الانتحاريون الوهابيون مساجد الشيعة، أو نشير مثلاً إلى قتل أكثر من مليون ونصف عراقي بمفخخات تنظيم القاعدة. وعودٌ على بدء، فإن ما يأتي من سطور، سوف نناقش الفقه ( أو الفهم ) الوهابي لبعض المسائل التي تهم حياة الناس ومعاشهم، وكيف أنهم قد خالفوا مذاهباً أصيلة في الفقه الإسلامي كفقه أبي حنيفة مثالا لا حصراً.
1- الوهابيون والفنون الجميلة
لم يبق فن من فنون الإبداع البشري إلا وحرمه الوهابيون على المسلمين، ابتداءا من الموسيقى التي اعتبروها " مزامير الشيطان " إلى الغناء والرسم والنحت، ومع امتلاك الوهابيون للثروات النفطية، فقد نشروا ثقافتهم وفتاويهم من خلال مساجد تابعة لهم نشروها في أرجاء العالم الإسلامي، بل لقد تدخل الوهابيون في صياغة مناهج التربية الإسلامية في البلاد السنية، فنجد كتاب الصف الخامس الابتدائي للسلطة الفلسطينية يحتوي على سؤال ( لماذا رفضت أم حبيبة أن تجلس أباها على فراش رسول الله ؟ ) والإجابة لأنه كان كافراً .. أو نقرأ سؤالاً في مسابقات ثقافية مثل ( من الصحابي الجليل الذي قتل أباه لأنه كافر ؟! ) والإجابة هي أبو عبيدة بن الجراح. بصراحة أنا لا أعتبر هذه الثقافة من الإسلام، لأن الأصل القرآني يقول ( وبالوالدين إحساناً ) وليس زجراً أو عسفاً أو قتلاً .. هم اختاروا وانتقوا وزيفوا حتى جعلوا من الإسلام دين كراهية وعنصرية، علماً بأن الإسلام كعقيدة، ينافي الإجرام ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) !
2- الوهابيون وتحريم المشروبات الروحية
ينقسم الفقه الإسلامي في هذه المسألة إلى فقهين أساسيين، هما فقه الحجاز وفقه العراق، أما فقه الحجاز التابع للحنابلة فقد حرموا الخمر استناداً إلى السنة وليس إلى نصوص القرآن، حيث إن النصوص الواردة في القرآن غير قطعية الدلالة، أقواها على الإطلاق ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجزٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه )، وهو نص لا يرقى لتحريم قطعي مثل قوله تعالى ( حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ) فضلاً عن أنه لا يخص الخمر وحدها .. الاجتناب هنا وحسب علماء اللغة هو نهي وليس تحريم قطعي، ولكن الوهابيين يستندون على أحاديث ضعيفة أو غير متفق عليها مثل ( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، فالتحريم هنا نابع من كون أن الكثير مسكر، فلماذا إذن تحريم القليل إذا كان لا يسكر ؟؟! المهم أن أبا حنيفة ( فقه العراق )، وحسب تفسير ابن كثير، لجأ للمعنى الحرفي لكلمة الخمر في الآية السابقة، حيث وعند نزول الآية، لم يكن معروفاً في مكة والمدينة سوى نوعين من المسكرات هما ماء العنب وماء الشعير، فنهى عنهما، ولكنه أباح تناول كميات قليلة من نبيذ الرطب والتفاح وباقي الفواكه، وعلينا ألا نصاب بدهشة إذا وجدنا مسلمين في العراق والمغرب العربي يشربون قدحاً من النبيذ كفاتح للشهية حتى على مائدة إفطار رمضانية !
3- الوهابيون وتحريم مظاهر الفرح والبهجة
لا يقتصر تحريم الوهابيين للفنون الجميلة كالعزف والغناء والرسم والنحت والمسرح، أو على تحريم المشروبات الروحية أو شرب القليل منها كما يفعل المسيحيون، بل امتد التحريم ليشمل تدمير التراث الإنساني للحضارات السابقة بما فيها الإسلامية، وكذلك تحريم إقامة الحفلات في الأعياد والمناسبات السعيدة، أو حتى الغناء في حفلات الزواج، علماً بأن كل ما لدى الوهابيين من تراث فيما يخص تحريم الغناء، هو مجرد تأويل لابن مسعود عن معنى " لهو الحديث "، واللهو هنا لا يرقى لأي تحريم، بل إن النبي نفسه وبعد الهجرة إلى يثرب، كان يحث الصحابة على مشاركة الأنصار أفراحهم قائلاً ( ما كان معكم من اللهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو ).
4- فتاواهم الغريبة
للإجابة على سؤال ( أين تدفن امرأة مسيحية حامل علماً أن زوجها مسلم ؟؟! ) .. تخيلوا يا رعاكم الله كيف أن الأمم الأخرى قد اقتحمت الفضاء وزرعت الأعضاء وابتكرت وسائل الاتصال والتواصل، خلاف الحواسيب واكتشاف الشفرات الجينية، بينما علماؤنا مختلفون وتستبد بهم الحيرة حول مكان دفن امرأة ميتة ؟؟! هل تريدون الإجابة بالتفصيل ؟! حسناً، هاكم ما ورد في مركز الفتوى التابع للمملكة السعودية ((فإن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في حكم دفن الكتابية إذا كانت تحت مسلم فماتت وهي حبلى منه، فقال بعضهم: تدفن في مقابر المشركين لكفرها.
ومنهم من يقول: تدفن في مقابر المسلمين لأن الولد الذي في بطنها مسلم.
ومنهم من يقول: يتخذ لها قبر على حدة، وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء، واختاره أحمد، قال: لأنها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين، فيتأذوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفار، لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم.
وقال صاحب المقنع: وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنت وحدها، ويجعل ظهرها إلى القبلة، وقال في حاشيته تعليلاً لذلك: لأنها كافرة، فلا تدفن في مقبرة المسلمين، وولدها محكوم بإسلامه، فلا يدفن بين الكفار. وهذا القول هو الصواب إن شاء الله.
والله أعلم. )) .. سأترك التعليق لخيال القاريء / ة الكريم / ة . من فتاواهم فتوى " بول الإبل للعلاج "، مضاجعة الزوجة الميتة فيما أسموه " نكاح الوداع " وكذلك فتوى " إرضاع الكبير " !
ماذا نفهم من قولهم ( هناك من رأى وهناك من قال ) ؟؟ ألا يعني هذا أن الأمر برمته اجتهادات بشرية يجوز فيها لغيرهم ما يجوز لهم ؟؟! لماذا احتكروا فهم واحد للدين وقتلوا وكفروا وأحرقوا كل ما عداه ؟؟!
5- الراسخون في العلم والتأويل
القرآن الكريم بالرسم العثماني المعروف حالياً، فرضه الخليفة عثمان بن عفان على الأقاليم الستة التي كانت تحت حكمه، لكن وحتى النسخة التي وزعها الخليفة الثالث – ر – لم تكن مُشكّلة ( من التشكيل ) أو منقطة، فقد تم التنقيط أولا ثم التشكيل في العصر العباسي. الآية الكريمة محل الخلاف مع الوهابية هي (( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب )). الوهابيون قالوا بأن لفظ الجلالة يجب أن يكون متبوعاً بوقف لازم .. أي أن الله تعالى هو وحده من يعلم تأويل الآيات. هذه مجرد وجهة نظر أحمد بن حنبل والغزالي من بعده، أما الفيلسوف ابن رشد فرفض تأويلهم قائلاً ( إذا كان الله وحده هو من يعلم تأويل المتشابه من القرآن، فكيف سيفهم المسلمون كلام الله ومعانيه على مر العصور ؟! ثم إن الراسخين في العلم عادة ما يطالبون بالبرهان والدليل العقلي ولا يقولون " آمنا " كعامة الناس، ثم لماذا هم راسخون في العلم إذا كانوا محرومون من التفقه والتدبر والتأويل ؟؟! خلاصة القول أن الوهابيين كفروا ابن رشد ( كما كفروا جميع الآخرين ) ولم يأخذوا باجتهاده، بينما انحاز له جميع فلاسفة أوروبا في عصر التنوير !
6- الحجاب
لم يبق لدينا مجمع ديني أو لغوي أو ثقافي عربي، لم يناقش باستفاضة موضوعة الحجاب طوال القرن المنصرم، وهل هو غطاء للبدن أم للرأس .. الحجاب " أياً كان مفهوم وتعريف الحجاب " فرض على نساء المؤمنين، أي للمرأة الحرة، أما الأمة أو الجارية فعورتها كعورة الرجل ( من السرة للركبة )، وبالتالي يفهم أن الحجاب كان مجرد علامة لنساء الأحرار تميزهم عن نساء العبيد. (( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ))، لم يقل رب العزة أن غير الملتزمة بالحجاب كافرة يشهر بها أو ترشق بماء النار أو حمض النيتريك !
7- الوهابيون والعلم
لا يؤمن الوهابيون بكروية الأرض أو بدروانها، وفي ذلك فتوى شيخ الوهابية بن باز في 1979 التي تقضي بتكفير من يقول بكروية الأرض. الوهابيون هو أشرس اعتداء على العقل والإرادة الإنسانية منذ بدايات الإسلام.
8- تكفيرهم للآخرين
ليس موضوع هذا المقال هو تكفير ابن تيمية للطوائف الإسلامية الأخرى، والكتفير عادة ما يكون متبوعاً بفتاوى القتل والتنكيل. أورد فقط فتوى ابن تيمية في الدروز، وقل مثل ذلك في أهل الكتاب والشيعة والصابئة واليزيديين. عندما سئل ابن تيمية عن رأيه في الدروز أجاب ((كفر هؤلاء مما لا يختلف فيه المسلمون، بل من شك في كفرهم فهو كافر مثلهم لا هم بمنزلة أهل الكتاب ولا المشركين، بل هم الكفرة الضالون، فلا يباح أكل طعامهم وتسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم فإنهم زنادقة مرتدون لا تقبل توبتهم، بل يقتلون أينما ثقفوا ويلعنون كما وصفوا، ولا يجوز استخدامهم للحراسة والبوابة والحفاظ، ويجب قتل علمائهم وصلحائهم لئلا يضلوا غيرهم، ويحرم النوم معهم في بيوتهم ورفقتهم والمشي معهم وتشييع جنائزهم إذا علم موتها، ويحرم على ولاة أمور المسلمين إضاعة ما أمر الله من إقامة الحدود عليهم بأي شيء يراه المقيم لا المقام عليه، والله المستعان وعليه التكلان. ))، وللقاريء أن يتخيل كيف يكون حال بلد متعدد الطوائف مثل العراق أو لبنان أو فلسطين.
الخلاصة:
لقد أشغل الوهابيون شعوبنا بتحريم ما سمحت النصوص بتأويله، ولم يبق للمسلمين إلا فهم المتطرفين والمتزمتين والغلاة، أما فلاسفة المعتزلة وأئمة العقل فقد تم إغلاق باب الاجتهاد في وجوههم، والنتيجة هي ما نراه من انحطاط حضاري وتخلف ثقافي، وفجوة علمية مع الأمم الأخرى، فجوة مهولة تتسع كل يوم بل كل ساعة وكل دقيقة، العالم أمام أعيننا يبتكر ويخترع ويطور ويتقدم ويحقق منجزات لخدمة البشرية، بينما نحن غارقون في الجهل والسخافات والشعوذات، ومحرومون بقوة السيف ( أو السيفين ؟ ) من حرية الضمير وحرية العقل وحرية التفكير، فهل هذا هو ما نص عليه القرآن بصريح العبارة (( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) ؟؟!
هل حرمان العلماء والفلاسفة من التفكر والتدبر والاجتهاد بقوة التفخيخ والتفجير والتقطيع والتحريق والتغريق والتفعيص هو صحيح الإسلام ؟؟!
نكتة الموسم: السعودية تحارب الإرهاب !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق